الحَمْدُ للهِ وَليِّ الحَمْدُ ، وَأَهْلِه وَمُنْتَهاهُ وَمَحِلِّه ، أَخْلَصَ مَنْ وَحَّدَهُ ، وَاهْتَدَى مَنْ عَبَدَهُ ، وَفَازَ مَنْ أَطَاعَهُ ، وَأَمِنَ المُعْتَصِمُ بِهِ. اللّهُمَّ ، يا ذَا الجُودِ وَالمَجْدِ ، وَالثَّنَاءِ الجَمِيلِ وَالحَمْدِ ، أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ مَنْ خَضَعَ لَكَ ، بِرَقَبَتِهِ ، وَرَغِمَ لَكَ أَنْفُهُ ، وَعَفَّرَ لَكَ وَجْهَهُ ، وَذَلَّلَ لَكَ نَفْسَهُ ، وَفَاضَتْ مِنْ خَوْفِك دُمُوعُهُ ، وَتَرَدَّدَتْ عَبْرَتُهُ ، وَاعْتَرَفَ لَكَ بِذُنُوبِهِ ، وَفَضَحَتْهُ عِنْدِكَ خَطِيئَتُهُ ، وَشَانَتْهُ عِنْدَكَ جَرِيرَتُهُ ، وَضَعُفَتْ عِنْدَ ذَلِكَ قُوَّتُهُ ، وَقَلَّتْ حيلَتُهُ ، وَأنْقَطَعَتْ عَنْهُ أَسْبَابُ خَدائِعِهِ ، وَأَضْمَحَلَّ عَنْهُ كُلُّ بَاطِلِ ، وَأَلْجَأَتْهُ ذُنُوبُهُ إلى ذُلِّ مَقَامِهِ بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَخُضُوعِهِ لَدَيْكَ ، وَابْتِهَالِهِ إلَيْكَ ، أَسْأَلُكَ اللّهُمَّ ، سُؤَالَ مَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ ، أَرْغَبُ إلَيْكَ كَرَغْبَتِهِ وَأَتَضَرَّعُ إلَيْكَ كَتَضَرُّعِهِ ، وَاْبَتِهُل إلَيْكَ كَأَشَدِّ ابْتِهَالِهِ. اللّهُمَّ ، فَارْحَمِ اِستِكَانَةَ مَنْطِقي ، وَذُلَّ مَقَامي وَمَجْلِسِي ، وَخُضُوعِي إلَيْكَ بِرَقَبَتي ، أَسْأَلُكَ اللّهُمَّ الهُدَى مِنَ الضَّلَالَةِ ، وَالبَصِيرَةَ مِنَ العَمَى ، وَالرُشْدَ مِنَ الغِوَايَةِ ، وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ ، أَكْثَرَ الحَمْدُ عِنْدَ الرِضَاءِ ، وَأَجْمَلَ الصَّبْرِ عِنْدَ المُصيبَةِ ، وَأَفْضَلَ الشُّكْرِ عِنْدَ مَوْضعِ ِالشُّكْرِ ، وَالتَسْلِيمَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ ، وَأَسْأَلُكَ القُوَّةَ في طَاعَتِكَ ، وَالضَعْفَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ ، وَالهَرَبَ إلَيْكَ مِنْكَ ، وَالتَقَرُّبَ إلَيْكَ رَبِّي لِتَرْضَى ، وَالتّحري لِكُلِّ ما يُرْضيكَ عَني ، في إسْخَاطِ خَلْقِكَ ، إلْتِمَاسًا لِرَضَاكَ ، رَبِّ مَنْ أَرْجُوهُ إنْ لَمْ تَرْحَمْني ، أَوْ مَنْ يَعُودُ عَلَيَّ إنْ أَقْصَيْتَني ، أَوْ مَنْ يَنْفَعُني عَفْوُهُ إنْ عَاقَبْتَني ، أَوْ مَنْ آمُلُ عَطَايَاهُ إنْ حَرَمْتَني ، أَوْ مَنْ يَمْلِكُ كَرَامَتي إنْ أَهَنْتَني ، أَوْ مَنْ يَضُرُّني هَوَانُهُ إنْ أَكْرَمْتَني ، رَبِّ ما أَسْوَأ فِعْلي ، وَأَقْبَحَ عَمَلي ، وَأَقْسَ قَلْبِي ، وَأَطْوَلَ أَمَلِي ، وَأَقْصَرَ أَجَلِي ، وَأَجْرَأَني على عِصْيَانِ مَنْ خَلَقَني ، رَبِّ ما أَحْسَنَ بَلَاءَكَ عِنْدِي ، وَأَظْهَرَ نَعْمَاءَكَ عَلَيَّ ، كَثُرتْ عَلَيَّ مِنْكَ النِعَمُ فَمَا أُحْصيهَا ، وَقَلَّ مِني الشَّكْرُ فِيمَا أَوْلَيْتِنِيهُ ، فَبَطِرْتُ بِالنِعَمِ ، وَتَعَرَّضْتُ لِلْنِّقَمِ ، وَسَهَوْتُ عَنِ الذِكْرِ ، وَرَكِبْتُ الجَهْلَ بَعْدَ العِلْمِ ، وَجُزْتُ مِنَ العَدْلِ إلى الظُلْمِ ، وَجَاوَزْتُ البِرِّ إلى الإثْمِ ، وَصِرْتُ إلى الهَرَبِ مِنَ الخَوْفِ وَالُحُزْنِ ، فَمَا أَصْغَرَ حَسَنَاتي ، وَأَقَلَّهَا في كَثْرَةِ ذُنُوبِي ، وَأَعْظَمَهَا على قَدْرِ صِغَرِ خَلْقي ، وَضَعْفِ رُكْني ، رَبِّ وَمَا أَطْوَلَ أَمَلي في قِصَرِ أَجَلي في بُعْدِ أَمَلي ، وَمَا أَقْبَحَ سَرِيرَتي في عَلَانِيَتِي ، رَبِّ لا حُجَّةَ لي إنِ احْتَجَجتُ ، وَلا عُذْرَ لي إن اعْتَذَرْتُ ، وَلا شُكْرَ عِنْدِي إنْ أَبْلَيْتَ وَأَوْلَيْتَ ، إنْ لَمْ تُعِنِّي على شكرِ ما أَوْلَيْتَ ، رَبِّ ما أَخَفَّ مِيزَاني غَداً إنْ لَمْ تُرْجِحْهُ ، وَأَزَلَّ لِسَاني إنْ لَمْ تُثْبِّتْهُ ، وَأَسْوَدَ وَجْهِي إنْ لَمْ تُبَيِّضهُ ، رَبِّ كَيْفَ لي بِذُنُوبي التي سَلَفَتْ مِنِّي ، قَدْ هُدَّتْ لَهَا أَرْكَانِي ، رَبِّ كَيْفَ أَطْلُبُ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا ، وَأَبْكي على خَيْبَتي مِنْهَا ، وَلَا أَبْكي وَتَشْتَدُّ حَسَرَاتي على عِصْيَاني ، وَتَفْرِيطِي ، رَبِّ دَعَتْني دَوَاعي الدُّنْيَا فَأَجَبْتُهَا سَرِيعاً ، وَرَكَنْتُ إلَيْهَا طَائِعاً ، وَدَعَتْني دَوَاعي الآخِرَةِ فَثَبِطْتُ عَنْهَا ، وَأَبْطَأْتُ في الإجَابَةِ وَالمُسَارَعَةِ إلَيْهَا ، كَمَا سَارَعْتَ إلى دَوَاعي الدُّنْيَا وَحُطَامِهَا الهَامِدِ ، وَهَشِيمِهَا البَائِدِ وَسَرَابِهَا الذَاهِبِ ، رَبِّ خَوَّفْتَني وَشَوَّقْتَني ، وَاحْتَجَجْتُ عَلَيَّ بِرِقِّي ، وَكَفِلْتَ لي بِرَزْقي ، فَأمِنْتَ مِنْ خَوْفِكَ ، وَتَثَبَطْتُ عَنْ تَشْوِيقِكَ ، وَلَمْ أَتَّكِلْ على ضَمَانِكَ ، وَتَهَاوَنْتَ بِاحْتِجَاجِكَ ، اللّهُمَّ ، فَاجْعَلْ أَمْني مِنْكَ في هَذِهِ الدُّنْيَا خَوْفاً ، وَحَوِّلْ تَثْبِيطِي شُوْقاً ، وَتَهاوُني بِحُجَّتِكَ فَرَقاً مِنْكَ ، ثُمَّ إرضِني بِمَا قَسَمْتَ لي مِنْ رِزْقِكَ يا كَرِيمُ ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ العَظِيمِ رِضَاكَ عنْدَ السَّخْطَةِ ، وَالفَرْجَةَ عِنْدَ الكُرْبَةِ ، وَالنُّورَ عِنْدَ الظُلْمَةِ ، وَالبَصيِرَةَ عِنْدَ تَشْبِيهِ الفِتْنَةِ ، رَبِّ اجْعَلْ جُنَّتي مِنْ خَطَايَايَ حَصِينَةٌ ، وَدَرَجَاتي في الجِنَانِ رَفِيعَةٌ ، وَأَعْمَالي كُلَّهَا مُتَقَبِّلَةٌ ، وَحَسَنَاتي مُضَاعَفَةٌ زَاكِيَةٌ ، أَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ كُلِّهَا ، ما ظَهَرَ مِنْهَا وَما بَطَنَ ، وَمِنْ رَفِيعِ المَطْعَمِ وَالمَشْرَبِ ، وَمِنْ شَرِّ ما أَعْلَمُ ، وَمِنْ شَرِّ ما لا أَعْلَمُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَشْتَريَ الجَهْلَ بِالعِلْمِ ، وَالجَفَاءَ بِالحِلْمِ ، وَالجَوْرَ بِالعَدْلِ ، وَالقَطِيعَةَ بِالبِرِّ ، وَالجَزَعَ بِالصَبْرِ ، وَالهُدَى بِالضَلَالَةِ ، وَالكُفْرَ بِالإيمَانِ


المصدر:
الصحيفة الصادقية