سافر المنصور الدوانيقي ، إلى بيت الله الحرام ، فلما انتهى إلى يثرب ، أمر حاجبه الربيع ، بإحضار الامام الصادق عليه‌ السلام ، لاغتياله ، ولما مثل عنده عرف قصده ، وما بيته له من الشر ، فدعا الله تعالى ، بهذا الدعاء الجليل ، فأنجاه منه ، وهذا نصه : « اللّهُمَّ إنّي أَسْأَلُكَ يا مُدْرِكَ الهَارِبينَ ، ويا مَلْجَأَ الخَائِفِينَ ، وَيا صَرِيخَ المُسْتَصْرِخينَ ، ويا غِيَاثَ المُسْتَغِْيثِينَ ، وَيَا مُنْتَهَى غَايَةِ السَّائِلينَ ، وَيَا مُجِيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرينَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا حَقُ ، يا مُبِينُ ، يَا ذَا الكَيْد المَتينِ ، يا مُنْصِفَ المَظْلُومِينَ مِنَ الظَّالِمينَ ، يا مُؤْمِنَ أَوْلِيَائِهِ مِنَ العَذَابِ المُهِينِ ، يا مَنْ يَعْلَمُ خَافِيَاتِ الَأعْيُنِ ، وَخَافِيَاتِ لَحْظِ الجُفُونِ ، وسَرَائِرَ القُلُوبِ ، وَمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ ، يا رَبِّ السَّموَاتِ وَالأرَضَينِ ، وَالَملآئِكَةِ المُقْرَّبِينَ ، وَاَلَأنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ ، وَرَبَّ الإنْسِ وَالجِنِّ أجْمَعينَ ، يا شَاهِداً لا يَغِيبُ ، يَا غَالِباً غَيْرَ مَغْلُوبٍ ، يا مَنْ هُوَ على كُلِّ شَيْءٍ رَقيبٌ ، وَعلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبٌ ، وَمِنْ كُلِّ عَبْدٍ رَقِيبٌ ،ْ وَلِكُلِّ دَعْوَةٍ مُسْتَجِيبٌ ، يا إلهَ المَاضِينَ ، وَالغَابِرِينَ ،ِ وَالجَاحِدِينَ ، وإلهَ الصَامِتِين ، وَالنَّاطِقِينَ ، ورَبَّ الَأخْيَارِ المُنِيبينَ. يا اللهُ ، يا رَبَّاهُ ، يا عَزِيزُ ، يا حَكِيمُ ، يا غَفُورُ ، يا رَحيمُ ، يا أَوَّلُ ، يا قَدِيمُ يَا شَكُورُ ، يَا قَاهِرُ ، يَا عَلِيمُ ، يا سَميعُ ، يا بَصِيرُ ، يا لَطِيفُ ، يا خَبِيرُ ، يا عَالِمُ ، يا قَدِيرُ ، يا قَهَّارُ ، يا غَفَّارُ ، يا جَبَّارُ ، يا خَالِقُ ، يا رَاَّزقُ ، يا فَاتِقُ ، يا وَاثِقُ ، يا صَادِقُ ، يا أَحَدُ ، يا مَاجِدُ ، يا صَمَدُ يا رَحْمنُ ، يا فرْدُ ، يا حنَّانُ ، يا مَنَّانُ ، يا سُبُّوحُ ، يا قُدُّوسُ ، يا رَؤوُفُ ، يا مُهَيْمِنُ ، يا حَمِيدُ ، يا مَجيدُ ، يا مُبْدِىءُ يا مُعِيدُ ، ياوَليُّ ، يا عَلِيُّ ، يا غَنِيُّ ، ياقَوِيُّ ، يا بَارِىءُ ، يا مُصَوِّرُ ، يا مُقْتَدِرُ ، يا بَاعِثُ ، يا وَارِثُ ، يا مُتَكَبِّرُ ، يا عَظِيمُ ، يا بَاسِطُ ، يا سَلَامُ ، يا مؤمِنُ ، ياوَتْرُ ، يا مُعْطي ، يا مَانِعُ ، يا ضَارُّ ، يا نَافِعُ ، يا مُفَرِّقُ يا جَامِعُ ، يا حَقُّ ، يا مُبِينُ ، يا حَيُّ ، يا قَيُّومُ ، يا وَدُودُ ، يا مُعيدُ ، يا طَالبُ ، يا غَالِبُ ، يا مُدْرِكُ ، يا جَلِيلُ ، يا مُفْضِلُ ، يا كَرِيمُ ، يا مُتَفَضِّلُ ، يا مُتَطَوِّلُ ، يا أوَّابُ ، ياسَمْحُ ، يا فَارِجَ الهمِّ ، يا كَاشِفَ الغّمَ ، يا مُنْزِلَ الحَقَّ ، يا قَائِلَ الصِّدْقُ ، يا فَاطِرَ السَّموَاتِ وَالَأرْضِ ، يا عِمَادَ السَّموَاتِ وَالأرّضِ ، يا مُمْسِكَ السَّموَاتِ وَالَأرْضِ ، يا ذَا البَلَاءِ الجَمِيلِ ، وَالطَّوْلِ العَظِيمِ ، ياَ ذا السُّلْطَان الذي لا يُذَلُّ ، وَالعِزّ الذي لا يُضَامُ ، يا مَعْرُوفاً بِالإحْسَان ، يا مَوْصُوفاً بالإمْتِنَانِ ، يا ظَاهِراً بِلا مُشَافَهَةٍ ، يا باطِناً بِلا مُلامَسَةٍ ، يا سَابِقَ الأشْيَاءِ بِنَفْسِهِ ، يا أَوَّلاً بِلَا غَايَةٍ ، يا آخِراً بِلا نِهَايةٍ ، يا قَائِماً بِلا انْتِصَابٍ ، يا عَالِماً بِلا اكْتِسَابٍ ، يا ذَا الَأسْمَاءِ الحُسْنى ، والصِفَاتِ المُثلىَ ، والمَثَلِ الأعْلَى ، يا مَنْ قَصُرَتْ عَنْ وَصْفِهِ أَلْسُنُ الوَاصِفِينَ ، وَانْقَطَعَتْ عَنْهُ أَفْكاَرُ المُتَفَكِّرِينَ ، وَعَلا وَتَكَبَّر عَنْ صِفَاتِ المُلْحِدِينَ ، وَجَلَّ وَعَزَّ عَنْ عَيْبِ العَائِبينَ ، وَتَبَارَكَ وَتَعَالىَ عَنْ كَذِبَ الكَاذِبينَ ، وَأَبَاطِيلِ المُبْطِليِنَ ، وَأَقَاَوِيلِ العَادلينَ ، يا مَنْ بَطَنَ فَخَبَرَ ، وَظَهَرَ فَقَدَرَ ، وَأَعْطَى فَشَكَرَ ، وَعَلَا فَقَهَرَ ، يا رَبَّ العَيْنِ وَالأثَرِ ، وَالجِنِّ وَالبَشَرِ ، وَالُأنْثى وَالذَّكَر ، وَالبَحْثِ وَالنَظَرِ ، وَالقَطَرِ وَالمَطَرِ ، وَالشَّمْسِ وَالقَمَرِ ، وَشَاهِدَ النَّجْوى ، وَكَاشِفَ الغَمِّ ، وَدَافِعَ البَلْوَى ، وَغَايَة كُلِّ شَكْوَىَ ، يانِعْمَ النَّصِيرِ ، وَالمَوْلَى ، يا مَنْ هُوْ على العَرْش ِاستَوَى ، لَهُ ما في السَّموَاتِ ، وَمَا في الَأرْضِ ، وَمَا بَيْنَهُمَا ، وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ، يا مُنْعِمُ ، يا مُحْسِنُ ، يا مُجْمِلُ ، يا كَافِي يا شَاَفِي ، يا مُحْيي يا مُمِيتُ ، يا مَنْ يَرَى ، وَلا يُرىَ ، وَلا يَسْتَعِينُ بِسَناءِ الضِياءِ ، يا مُحْصِي عَدَدَ الَأشْيَاءِ ، يا عَاليَ الجَدِّ ، يا غَالبَ الجُنْدِ ، يا مَنْ لَهُ على كُلِّ شَيْءٍ يَدٌ ، وَفي كُلِّ شَيْءٍ كَيْدٌ ، يا مَنْ لا يُشْغِلُهُ صَغِيرٌ عَنْ كَبِيرٍ ، وَلا حَقِيرٌ عَنْ خَطِيرٍ ، وَلَا يَسِيرٌ عَنْ عَسِيرٍ ، يا فَاعِلُ بِغَيْر مُبَاشَرَةٍ ، يا عَالِمُ مِنْ غَيْرِ مُعَلِّمِ ، يا مَنْ بَدَأَ بِالنِّعْمَةِ قَبْلَ استِحقَاقِهَا ، وَالفَضِيلَةِ قَبْلَ اسْتيجَابِها ، يا مَنْ أَنْعَمَ على المُؤْمِنِ وَالكَافِرِ ، وَاسْتَصْلَحَ الفَاسِدِ وَالصَالِحَ عَلَيْهِ ، وَوَدَدَ المُعَانِدَ وَالشَّارِدَ عَنْهُ ، يا مَنْ أَهَلَكَ بَعْدَ البَيِّنَةِ ، وَأَخَذَ بَعْدَ قَطْعِ المَعْذِرَةِ ، وَأَقَامَ الحُجَّةَ ، وَدَرَأَ عَنِ القُلُوبِ الشُبْهَةَ ، وَأَقَامَ الدَّلاَلَةَ ، وَقَادَ إلى مُعَايَنَةِ الآيَةِ ، يا بَارِىءَ الجَسَدِ ، وَمُوسِعَ البَلَدِ ، وَمُجْرِيَ القُوتِ ، وَمُنْشِرَ العِظَامِ بَعْدَ المَوْتِ ، وَمُنْزِلَ الغَيْثِ ، يا سَامِعَ الصَّوْتِ ، وَسَابِقَ الفَوْتِ ، يا رَبِّ اَلآيَاتِ ، وَالمُعْجِزَاتِ ، مِنْ مَطَرٍ وَنَبَاتٍ ، وَآبَاءٍ وَأُمَّهَاتٍ ، وَبَنِينَ وَبَنَاتٍ ، وَذَاهِبٍ وَآتٍ ، وَلَيْلٍ دَاجٍ ، وَسَماءٍ ذَاتِ أَبْرَاجٍ ، وَسِرَاجٍ وَهَّاجٍ ، وَبَحرٍ عُجَاجٍ ، وَنُجُومٍ تًموُرُ ، وَمِيَاهٍ تَغُورُ ، وَمِهَادٍ مَوْضُوعٍ ، وَسِترٍ مَرْفوُعٍ ، وَرِيَاحٍ تَهُبُّ ، وَبَلَاءٍ مَدَفُوعٍ ، وَكَلامٍ مَسْمُوعٍ ، وَيَقَظَةٍ وَمَنَامٍ ، وَسِبَاعٍ وَأنَعْامٍ ، وَدَوَابٍّ وَهَوَامٍّ ، وَغَمَامٍ وَأَكْمَامٍ ، وَأُموُرٍ ذاتِ نِظَامٍ ، مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ ، وَرَبِيعٍ وَخَرِيفٍ ، أَنْتَ يا رَبِّ خَلَقْتَ هَذَا ، فَأحْسَنْتَ ، وَقَدَّرْتَ فَأَتْقَنْتَ ، وَسَوَّيْتَ فَأَحْكَمْتَ ، وَنَبهْتَ على الفِكْرَةِ ، فَأَنْعَمْتَ ، وَنَادَيْتَ الأحْيَاءَ فَأَفْهَمْتَ ، فَلَمْ يَبْقَ عَلَيَّ إلَّا الشُكْرُ لَكَ ، وَالذِّكْرُ لِمَحَامِدِكَ ، وَالإنْقِيَادُ لِطَاعَتِكَ ، وَالإسْتِمَاعُ لْلداعِي إلَيْكَ ، فَإنْ عَصَيْتُكَ فَلَكَ الحُجَّةُ ، وَإنْ أَطَعْتُكَ فَلَكَ المِنَّةُ ، يا مَنْ يُمْهِلْ فَلا يُعْجِلْ وَيَعْلَمُ فلا يَجْهَلُ ، وَيُعْطِي فَلَا يَبْخَلُ ، يا أَحَقَّ مَنْ عُبِدَ ، وَحُمْدَ وَسُئِلَ ، وَرُجِيَ وَاعْتُمِدَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ مُقَدَّسٍ ، مُطَهَّرٍ ، مَكْنُونٍ اخْتَرْتَهُ لِنَفْسِكَ ، وَكُلِّ ثَنَاءٍ عَالٍ رَفِيعٍ ، كَريمٍ رَضِيتَ بِهِ مِدَحَةً لَكَ ، وَبِحَقِّ كُلِّ مَلَكٍ قَرُبَتْ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَكَ ، وَبِحَقِّ كُلِّ نَبِيٍ أرْسَلْتَهُ إلى عِبَادِكَ ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ جَعَلْتَهُ مُصَدِّقاً لِرُسُلِكَ ، وَبِكُلِّ كِتَابٍ فَضَّلْتَهُ وَفَصَّلْتَهُ ، وَبَيَّنْتَهُ وَأَحْكَمْتَهُ ، وَشَرَعْتَهُ ، وَنَسَخْتَهُ ، وَبِكُلِّ دُعَاءٍ سَمِعْتَهُ فَأَحْبَبْتَهُ ، وَعَمَلٍ رَفَعْتَهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ مَنْ عَظَّمْتَ حَقَّهُ ، وَأعْلَيْتَ قَدْرَهُ ، وَشَرَّفْتَ بُنْيَانَهُ ، مِمَّنْ أَسْمَعْتَنَا ذِكْرَهُ ، وَعَرَّفْتَنَا أَمْرَهُ ، وَمِمَّنْ لَمْ تُعَّرِفْنَا مَقَامَهُ ، وَلَمْ تُظْهِرْ لَنَا شَأْنَهُ مِمَّنْ خَلَْتَهُ ، مِنْ أَوَّلَِ ما ابْتَدَأْتَ بِهِ خَلْقَكَ ، وَمِمَّنْ تَخْلُقُهَ إلى انْقضَاءِ الدهْرِ ، وَأَسْأَلُكَ بِتَوْحِيدِكَ الذي فُطِرَتْ عَلَيْهِ العُقُولُ ، وَأُخِذَتْ بِهِ المَوَاثِيقُ ، وَأُرْسِلَتْ بِهِ الرُسُلُ وَأُنٍزِلَتْ عَلَيْهِ الكُتُبُ ، وَجَعَلْتَهُ أَوَّلَ فُرُوضِكَ ، وَنِهَايَة طَاعَتِكَ ، فَلََمْ تَقْبَلْ حَسَنةً إلَّا مَعَهَا ، وَلَمْ تَغْفِرْ سَيِّئَةً إلَّا بَعْدَها ، وَأَتَوَجَّهُ إلَيْكَ بِجُودِكَ ، وَكَرَمِكَ ، وَعِزِّكَ وَجَلالِكَ ، وَعَفْوِكَ وَإمْنِتَانِكَ ، وَتَطَوُّلِكَ ، وَبِحَقِّكَ وَمَجْدِكَ الذي هُوَ أَعْظَمُ مِنْ حُقُوقِ خَلْقِكَ ، وَأَسْأَلُكَ يا اللهُ ، يا اللهُ يا اللهُ ، يا رَبَّاهُ ، يا رَبَّاهُ ، يا رَبَّاهُ ، يا رَبَّاهُ .. وَأَرْغَبُ إلَيْكَ خَاصِّاً وَعَاماً ، وأَوَّلاً وَآخِراً ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، الَأمِينِ رَسُولِكَ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ ، وَنَبِيِّكَ إمَامِ المُتّقِينَ ، وَبِالرِّسَالَةِ التي أدَّاهَاَ ، وَالعِبَادَةِ التي اجْتَهَدَ فِيهَا ، وَالمِحْنَةِ التي صَبَرَ عَلَيْهَا ، وَالمَغْفِرةِ التي دَعَا إلَيْهَا ، وَالدِّيَانَةِ التي حَضَّ عَلَيْهَا ، مُنْذُ وَقْتِ رِسَالَتِكَ إياهُ إلى أَنْ تَوَفَيّتَهُ ، وَبِمَا بَيْنَ ذلِكَ مِنْ أقوَاَلِهِ الحَكِيمَةِ ، وَأَفْعَالِهِ الكَرِيمَةِ ، وَمَقَامَاتِهِ المَشْهُودَةِ ، وَسَاعَاتِهِ المَعْدُودَةِ أَنْ تُصَلّيَ عَلَيْهُ كَمَا وَعَدْتَهُ مِنْ نَفْسِكَ ، وَتَعْطِيَهُ أَفْْضَلَ ما أَمِلَ مِنْ ثَوابِكَ ، وَتُزْلِفْ لَدَيْكَ مَنْزِلَتَهُ وُتُعْلِي عِنْدَكَ دَرَجَتَهُ ، وَتَبْعَثَهُ المَقَامَ المَحْمُودَ ، وَتُورِدَهُ حَوْضَ الكَرَمَ وَالجُودِ ، وَتُبَارِكَ عَلَيْهِ بَرَكَةً عَامَّةً ، خَاصَّةً نَامِيَةً ، زَاكِيَةً عَالِيَةً دَائمةً ، لا انْقِطَاعَ لِدَوَامِهَا ، وَلا نَِقيصَةً في كَمَالِهَا ، وَلا مَزِيدَ إلَّا في قُدْرَتِكَ عَلَيْهَا ، وَتَزِيد بَعْدَ ذلِكَ مِمَّا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ ، وَأقُدَرُ عََلْيِه ، وَأَوْسَعُ ُلَهُ ، وَتُؤْتِيَ ذلِكَ ، حَتى يَزْدَادَ في الإيِمان بِهِ بَصِيرَةً ، وَفي مَحَبتِهِ ثَبَاتاً وَحُجَّةٍ ، وَعلى آلِهِ الطَّيبينَ الَأخْيَارِ ، المُنْتَجَبِينَ الَأبْرَارِ ، وَعلى ِجْبَرائيلَ وَمِيكَائِيلَ وَالمَلائِكَةِ المُقَرَّبينَ ، وَحَمَلَةِ عَرْشِكَ أَجْمَعِينَ ، وَعلى جَميعِ النَّبِيِيّنَ ، وَالصدِّيقِينَ ،وَالشُّهَدَاءِ ، وَالصَّالِحِينَ ، وَعَلَيْهِ وَعَلْيهِمُ السلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهِ. اللّهُمَّ ، إنَّي أَصْبَحْتُ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ، ضُراً وَلا نَفْعاً ، وَلا مَوْتاً وَلا حَيَاةً ، وَلا نُشُوراً قَدْ دَنا مَصْرَعي ، وَانْقَطَعَ عُذْري ، وَذَهَبَتْ مَسْأَلَتي وَذُلَّ نَاصِريِ ، وَأسْلَمَني أَهْلِي ، وَوَلَدِي ، بَعْدَ قِيَامِ حُجَّتِكَ َعَليَّ ، وَظُهُورِ بَرَاهِينَكَ عِنْدَي ، وَوُضُوحِ دَلَائِلَكَ لَدَيَّ. اللّهُمَّ ، إنَّهُ قَدْ أَكَدَّ الطَلَبُ ، وَأَعْيَتِ الحِيَلُ إلا عِنْدَكَ ، وَانْغَلَقَتِ الطُرُقُ ، وَضَاقَتِ المَذَاهِبُ ، إلَّا إلَيْكَ ، وَدَرَسَتِ اَلآمَالُ ، وَانْقَطَعَ الرَجَّاءُ ، إلَّا مِنْكَ ، وَكَذَبَ الظَّنُ ، وَأَخْلَفَتَ العِدَاتُ إلَّا عدَّتُكّ اللّهُمَّ ، إنَّ مَنَاهِلَ الرَجَاءِ لِفَضْلِكَ مُتُرَعَةٌ ، وَأَبْوَابَ الدُّعَاءِ لِمَنْ دَعَاكَ مُفْتَّحَةٌ ، وَالإسْتِغَاثَةَ لِمَنْ اسْتَغَاثَ بِكَ مُبَاحَةٌ ، وَأَنْتَ لِدَاعِيكَ مَوْضِعُ إجَابَةٍ ، وَلِلْصَارِخِ إلَيْكَ وَلِيُّ الإغَاثَةِ ، وَالقَاصِدِ إلَيْكَ يا رَبُّ قَرِيبُ المَسَافَةِ ، وَأَنْتَ لا تََحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِكَ ، إلَّا أَنْ تَحْجُبَهُمُ الَأعْمَالُ السَيِّئةُ دُونَكَ ، وَما أُبَرِّىءُ نَفْسِي مِنْهَا ، وَلا أَرْفَعُ قَدْرِي عَنْهَا ، إنِّي لِنَفْسي يا سَيدِي لَظَلُومُ ، وَبِقَدْرِي لَجَهُولُ ، إلَّا أَنْ تَرْحَمَني ، وَتَعوُدَ بِفَضْلِكَ عَليَّ ، وَتَدْرَأَ عِقَابَكَ عَنِّي ، وَتَرْحَمَني ، وَتَلْحَظَني بِالعَيْنِ ، التي أَنْقَذْتَني بِهَا مِنْ حِيَرةِ الشَّكِّ ، وَرَفَعْتَني مِنْ هُوَّةِ الكُفْرِ ، وَأَنْعَشْتَني مِنْ مِيتَةِ الجَهَالَةِ ، وَهَدَيْتَنيِ بِهَا مِنْ الَأنْهَاجِ الجَائِرَةِ. اللّهُمَّ ، وَقَد عَلَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ زَادِ الرَّاحِلِ إلَيْكَ عَزْمُ إرَادَةٍ ، وإخلاصُ نِيَّةٍ ، وَقَدْ دَعَوْتُكَ بِعَزْم إرَادَتي ، وَإخْلاصِ طَوِيَّتي ، وَصَادِقِ نِيَّتي ، فَهَا أنَا ذَا مِسْكِينُكَ ، بَِائِسُكَ ، أَسِيرُكَ ، فَقِيرُكَ ، سَائِلُكَ ، مُنِيخٌ بِفِنَائِكَ ، قَارِعٌ بَابَ رَجَائِكَ ، وَأَنْتَ أُنْسُ الآنِسِين لَأوْلِيَائِكَ ، وَأَحْرَى بِكفَايةِ المُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ ، وَأَوْلَى بِنَصْرِ الوَاثِقِ بِكَ ، وَأَحَقُ بِرِعَاَيَةِ المُنْقَطِعِ إلَيْكَ ، سِرِّي إلَيْكَ مَكْشُوفٌ ، وَأَنَا إلَيْكَ مَلْهُوفٌ ، أَنَا عَاجِزٌ ، وَأَنْتَ قَدِيرُ ، وَأَنَا صَغِيرٌ وَأَنْتَ كَبِيرٌ ، وَأَنَا ضَعِيفٌ وَأَنْتَ قَوِيُّ ، وَأَنَا فَقِيرٌ وَأَنْتَ غَنِيُّ ، إذَا أَوْحَشَتْني الغُرْبَةُ ، أنْسي ذِكْرُكَ ، وإذَا صَعُبَتْ عَلَيَّ الُأمُورُ اسْتَجَرْتُ بِكَ ، وإذَا تَلَاحَقَتْ عَلَيَّ الشدَائِدُ أمَّلتُكَ ، وَأَيْن يُذْهَبُ بِي عَنْكَ ، وأَنْتَ أَقْرَبُ مِنْ وَرِيدِي ، وَاحصَنُ مِنْ عَدِيدي وَاوُجَدُ في مَكَاني وَأَصحُّ في مَعْقُولِي ، وَأَزِمَّةُ اَلُأمُورِ كُلُّهَا بِيَدِكَ ، صَادِرَةٌ عَنْ قَضَائِكَ ، مُذْعِنَةٌ بِالخُضُوعِ لِقُدْرَتِكَ ، فَقِيرَةٌ إلى عَفْوِكَ ، ذَاتُ فَاقَةٍ إلى قَارِب مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَقَدْ مَسَّنيَ الفَقْرُ وَنَالَنيَ الضُرُّ ، وَشَمَلَتْنيَ الخَصَاصَةُ ، وَأَغْرَّتني الحَاجَةُ ، وَتَوَسَّمْتُ بِالذِلَّةِ ، وَعَلَتْنيَ المَسْكَنَةُ ، وَحَقَّتْ عَلَيَّ الكَلِمَةُ ، وَأَحَاطَتْ بيَ الخَطِيئَةُ ، وَهَذَا الوَقْتُ الذي وَعَدْتَ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ فِيهِ الإِجَابَةَ ، فَامْسَحْ مَا بِي بِيَمينِكَ الشَّافِيَةِ ، وَانْظُرْ لي بِعَيْنِكَ الرَّاحِمَةِ ، وَأَدْخِلْني في رَحْمَتِكَ الوَاسِعَةِ ، وَأقْبِلْ عَلَيَّ بِوَجْهِكَ ذي الجَلَالَ وَالإكْرَامِ ، فَإنَّكَ إذَا أَقْبَلْتَ على أَسِيرٍ فَكَكَتَهُ ، وَعلى ضَالٍ هَدَيْتَهُ ، وَعلى حَائِر آوَيْتَهُ ، وَعلى ضَعِيفٍ قَوَّيْتَهُ ، وعلى خَائِفٍ آمَنْتَهُ. اللّهُمَّ ، إنَّكَ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَمْ أَشْكُرْ ، وَابْتَلَيْتَني فَلَمْ أَصْبِرْ ، فَلَمْ يُوجِبُ عَجْزِي عَنِ شُكْرِكَ مَنْعَ المُؤمَّل مِنْ فَضْلِكَ ، وَأَوْجَبَ عَجْزِي عَنِ الصَّبْرَ عَلىَ بِلَائِكَ كَشْفَ ضُرِّكَ ، وَأِنْزَالَ رََحْمَتِكَ ، فَيَا مَنْ قَُلَّ عِنْدَ بَلائِهِ صَبْري فَعَافَاني ، وَعِنْدَ نَعْمَائِهِ شُكْرِي فَأَعْطَاني ، أَسْأَلُكَ المَزِيدَ مِنْ فَضْلِكَ ، وَالإيِزَاعَ لِشُكْرِكَ ، وَاَلإعْتِدَادَ بِنَعْمَائِكَ في أعْفى العَافِيَةِ ، وَأسبَغِ النِّعْمَةِ إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ. اللّهُمَّ ، لا تُخْلِني مِنْ يَدِكَ ، وَلا تَتْرُكْني لَقَاءاً لِعَدُوِّكَ ، وَلا لِعَدُوِّي ، وَلا تَوُحِشْني مِنْ لَطَائِفِكَ الخَفِيَّةِ ، وَكِفَايَتِكَ الجَمِيِلَةِ ، وَإنْ شَرَدْتُ عَنْكَ فَارْدُدْنِي إلَيْكَ ، وَإنْ فَسَدْتُ عَلَيْكَ فَأَصْلِحْنيِ لَكَ ، فإنَّكَ تَرُدُّ الشَّارِدَ ، وَتُصْلِحُ الفَاسِدَ ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. اللّهُمَّ ، هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ ، اللّهُمَّ ، لُذْني بِعَفْوِكَ ، المُسْتَجِيرُ بِعِزِّ جَلالِكَ ، قَدْ رَأَى أعْلَامَ قُدْرَتِكَ ، فَأَرِهِ آثَارَ رَحْمَتِكَ ، فَإنَّكَ تُبْدِىءُ الخَلقَ ثُمَّ تُعِيدُهُ ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْكَ ، وَلَكَ المَثَلُ الأعلى في السَّموَاتِ وَالَأرْضِ وَأَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ. اللّهُمَّ ، فَتَوَلَّني وِلَايَةً تُغْنِيِني بِهَا ، عَنْ سِوَاهَا ، وَأَعْطِني عَطِيةً لا أَحْتَاجُ إلى غَيْرِكَ مَعَهَا ، فَأِنَّهَا ليْسَتْ بِبِدَعٍ مِنْ وِلَايَتِكَ ، وَلا بِنُكْرٍ مِنْ عَطيَّتِكَ ، وَلا بِأُوْلَى مِنْ كِفَايَتِكَ ، إدْفَعِ الصَّرْعَةَ ، وَأنْعْشِ السَّقْطَةَ ، وَتَجَاوَزْ عَنِ الزَلَّةِ ، وَأقْبَلِ التَّوْبَةَ ، وَارْحَم الهَفْوَةَ ، وَنَجِّ مِنَ الوَرْطَةِ ، وَأَقِلِ العَثْرَةَ ، يا مُنْتَهَى الرَّغْبَةِ ، وَغِيَاثَ الكَرْبَةِ ، وَوَليَّ النِّعْمَةِ ، وصَاحِبي في الشِّدَّةِ ، وَرَحْمنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِِ ، أنْتَ الرَّحيمُ فإلى مَنْ تَكِلْني؟ إلى بَعِيدٍ يَتَجَهَمُني ، أَوْ عَدُوٍّ يَمْلِكُ أَمْري ، إنْ لَمْ تَكُ عَلَيَّ سَاخِطاً فَمَا أُبَالي ، غَيْرَ أَنَّ عَفْوَكَ لا يَضِيْقُ عَني ، وَرِضَاكَ يَنْفَعُني ، وَكَنَفَكَ يَسَعُني ، وَيَدَكَ البَاسِطَةَ تَدْفَعُ عَني ، فَخُذْ بِيَدِي مِنْ دَحْضِ المَزَلَّةِ فَقَدْ كَبَوْتُ ، وَثَبِّتْني على الصِراطَ اُلْمُسْتَقِيمِ ، وَاهْدِنِي وَإلَّا غَوَيْتُ ، يا هَادِيَ الطَّرِيقِ ، يا فَارِجَ المَضِيقِ ، يا إلهي بالتحْقِيقِ ، يا جَاِري اللَّصِيقَ ، يا رُكْني الوَثِيقَ ، يا كَنْزِي العَتِيقَ ، أَحْلُلْ عَني المَضِيقَ وَاكْفِني شَرَّ ما أُطِيقُ ، وَمَا لا أُطِيقُ ، إنَّكَ حَقِيقٌ ، وَبِكُلِّ خَيْرٍ خَلّيقٌ ، يا أَهْلَ التقْوَى وَأَهْلَ المَغْفِرَةِ ، وَذَا العِزِّ وَالقُدْرَةِ ، وَالآلاءِ وَالعَظَمَةِ ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَخَيْرَ الغَافِرِينَ ، وَأَكْرَمَ اَلْأكْرَمِينَ ، وَأَبْصَرَ النَّاظِرِينَ ، وَرَبَّ العَالَمِينَ ، لا تَقْطَعْ مِنْكَ رَجَائِي ، وَلا تُخَيبْ دُعَائي ، وَلا تُجْهِدْ بَلائي ، وَلا تَجْعَلِ النَّارَ مَأْوَايَ ، وَاجْعَلِ الجَنَّةَ مَثْوَايَ ، وَأعْطِني مِنَ الدُّنْيَا سُؤلي وَمُنَايَ ، وَبَلِّغْني مِنَ الآخِرَةِ أَمَلي وَرِضَايَ ، وَآتِنَا في الدًُّنْيَا حَسَنةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنةً ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيِرٌ ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ، وَأَنْتَ حَسْبِيَ ، وَنِعْمَ الوَكِيلُ وَالمُعِينُ .. »


المصدر:
الصحيفة الصادقية