ولمّا التزم العباسيّون بقانون الوراثة، قاموا بتصرفات شاذّة تسيء إلى مصلحة الأمة وكان من بينها:

١ ـ إسناد الخلافة إلى من لم يبلغ الرشد، فقد عهد الرشيد بالخلافة إلى ابنه الأمين، وكان له من العمر خمس سنين، وإلى ابنه المأمون وكان عمره ثلاث عشرة سنة، من دون أن يكونا قد حازا العلم والحكمة والحنكة الإدارية والسياسية، حتى كان يسيّرهما مَن سواهما من أصحاب البلاط.

ـــــــــ

(١) راجع حياة الإمام محمّد الجواد عليه‌السلام : ١٩٠ بتصرف بسيط.


 

 

علماً بأن الإمامة والخلافة للرسول صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم منصب ربّاني وعهد إلهي لا يرتقي إليه إلاّ من اعتدلت فطرته وسلمت سيرته من الخطل والخطأ والانحراف في كل مجالات حياته، ليكون قادراً على قيادة الأمة إلى طرق الرشاد.

وهكذا انحرف العبّاسيون بذلك عمّا قرّره الإسلام من أن منصب الخلافة إنّما يُسند إلى من يتمتع بالحكمة والصيانة والمعرفة بالشؤون الاجتماعية والدراية التامة بما تحتاج إليه الأمة في جميع شؤونها.

٢ ـ إسناد ولاية العهد إلى أكثر من واحد فانّ في ذلك تمزيقاً لشمل الأمة وتصديعاً لوحدتها وقد شذّ الرشيد عن ذلك فقد أسند الخلافة من بعده إلى الأمين والمأمون، وقد ألقى الصراع بينهما، وعرّض الأمة إلى الأزمات الحادّة، والفتن الخطيرة، وسنعرض لها في البحوث الآتية.