لم تخضع الخلافة الإسلامية حسب قيمها الأصلية لقانون الوراثة ولا لأي لون من ألوان المحاباة أو الاندفاع وراء الأهواء والعصبيات، فقد حارب الإسلام جميع هذه المظاهر واعتبرها من عوامل الانحطاط والتأخر الفكري والاجتماعي، وأناط الخلافة بالقيم الكريمة، والمُثل العُليا، والقدرة على إدارة شؤون الأمة، فمن يتصف بها فهو المرشّح لهذا المنصب الخطير الذي تدور عليه سلامة الأمة وسعادتها.

وأمّا الشيعة فقد خصَّصت الخلافة بالأئمّة الطاهرين من أهل البيت عليهم السلام لا لقرابتهم من الرسول الأعظم صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وكونهم ألصق الناس به وأقربهم إليه، وإنّما لمواهبهم الربّانية، وما اتصفوا به من الفضائل التي لم يتصف بها أحد غيرهم فضلاً عن النصّ عليهم، بما لا يدع مجالاً للاختيار.

وأمّا الذين تمسكوا بعنصر الوراثة فهم العباسيّون، على غرار الأمويين فاعتبروها القاعدة الصلبة لاستحقاقهم للخلافة بحجة أنّهم أبناء عم الرسول صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وقد بذلوا الأموال الطائلة لأجهزة الإعلام لنشر ذلك وإذاعته بين الناس.

وقد هبّت إلى تأييد ودعم الوسط العباسي الأوساط المرتزقة من خلال انتقاص العلويين فتتقرب إليهم بذلك وتشهد بأنّ ذئاب بني العباس أولى بالنبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم من السادة الأطهار من آل الرسول صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم (١) .