اختلفت الروايات في سبب موت الإمام عليه السلام بين الموت الطبيعي وبين السمّ، وقال الأكثر إنّه مات مسموماً، وفيما يلي نستعرض بعض الروايات - الدالة على ذلك - باختصار.

قال صلاح الدين الصفدي: وآل أمره مع المأمون إلى أن سمّه في رمّانة... مداراة لبني العباس(1) .

وقال اليعقوبي: فقيل إن علي بن هشام أطعمه رمّاناً فيه سمّ(2) .

وقال ابن حبّان: ومات علي بن موسى الرضا بطوس من شربة سقاه إياها المأمون فمات من ساعته(3) .

وقال شهاب الدين النويري:... وقيل إن المأمون سمّه في عنب، واستبعد ذلك جماعة وأنكروه(4) .

وقال القلقشندي: يقال إنه سمّ في رمّان أكله(5) .

وكان أهل طوس يرون أن المأمون سمّه، وقد اعترف المأمون بتهمة الناس له فقد دخل على الإمام عليه السلام قبيل موته فقال: (يا سيدي والله ما أدري أي المصيبتين أعظم علي؟ فقدي لك، وفراقي إياك؟ أو تهمة الناس لي أني اغتلتك وقتلتك...)(6) .

____________________

(1) الوافي بالوفيات: 22/251.

(2) تاريخ الطبري: 5/148، أحداث سنة 203 هـ.

(3) الثقات: 8 / 457.

(4) نهاية الإرب: 22 / 210.

(5) مآثر الإنافة في معالم الخلافة: 1 / 211.

(6) عيون أخبار الرضا: 2 / 241.


ولما كان اليوم الثاني اجتمع الناس وقالوا: إن هذا قتله واغتاله، يعنون المأمون(1) .

ومن الشواهد على أن المأمون قتله مسموماً، أنه كان يخطط للتخلص منه.

قال المأمون لبني العباس:... فليس يجوز التهاون في أمره، ولكنّا نحتاج أن نضع منه قليلاً قليلاً، حتى نصوّره عند الرعايا بصورة من لا يستحق هذا الأمر، ثم ندبّر فيه بما يحسم عنّا مواد بلائه(2) .

ويأتي موت الإمام عليه السلام بعد قرار المأمون بالتوجه إلى العراق ونقل عاصمة حكمه إليه، فقد وجد أنّ العباسيين في العراق سيبقون معارضين له ما دام الإمام عليه السلام ولياً لعهده، لذا نجده قد كتب لهم ليستميلهم: إنكم نقمتم عليّ بسبب توليتي العهد من بعدي لعلي بن موسى الرضا، وها هو قد مات، فارجعوا إلى السمع والطاعة.

ولا يستبعد من المأمون أن يقدم على قتله، وقد قتل من أجل الملك والسلطة أخاه وآلاف المسلمين من جنوده وجنود أخيه، فالملك عقيم كما أخبره أبوه من قبل.