قام الأمويون ومن بعدهم العباسيون بمحاولة طمس فضائل أهل البيت عليهم السلام والتقليل من شأنهم، واستخدموا جيمع طاقاتهم للحد من ذلك، تحت الترغيب والترهيب، ولكنّ الوضع تغيّر بعد قبول الإمام عليه السلام بولاية العهد، فقد قام المأمون بتوضيح هذه الفضائل، وتوضيح مظلومية أهل البيت عليهم السلام من قبل الحكّام السابقين.

فقد أجاب المأمون على كتاب كتبه له بنو هاشم، وضّح فيه تلك الحقائق إذ جاء فيه: (... فلم يقم مع رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم أحد من المهاجرين كقيام عليّ بن أبي طالب عليه السلام فإنه آزره ووقاه بنفسه... وهو صاحب الولاية في حديث غدير خم، وصاحب قوله: (أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي...) وكان أحب الخلق إلى الله تعالى وإلى رسوله، وصاحب الباب، فتح له وسدّ أبواب المسجد، وهو صاحب الراية يوم خيبر، وصاحب عمرو بن عبد ود في المبارزة، وأخو رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم حين آخى بين المسلمين).

ثم وضّح في الكتاب نفسه مظلومية أهل البيت عليهم السلام معترفاً بجرائم العباسيين بحقهم فقال: (... ثم نحن وهم يد واحدة كما زعمتم، حتى قضى الله


تعالى بالأمر إلينا، فأخفناهم، وضيّقنا عليهم، وقتلناهم أكثر من قتل بني أميّة إياهم)(1) .

وفي موضع آخر احتجّ المأمون على الفقهاء بفضائل الإمام علي عليه السلام وأحقيّته بالخلافة، فما كان من الفقهاء إلاَّ تأييد ما قاله، فقال يحيى بن أكثم القاضي: يا أمير المؤمنين، قد أوضحت الحق لمن أراد الله به الخير، وأثبت ما يقدر أحد أن يدفعه، واتّبعه الفقهاء بالقول: كلنا نقول بقول أمير المؤمنين أعزَّه الله(2) .

وكان المأمون يتحدّث عن فضائل أهل البيت عليهم السلام في أغلب جلساته، وهذا يعني تشجيعاً للولاة والأمراء ليتحدّثوا عن أهل البيت عليهم السلام بمثل ما تحدّث به، وتشجيع لأنصار أهل البيت عليهم السلام في ذكر فضائلهم بحرية تامّة، وهذا ما يزيد من توسّع القاعدة الشعبية الموالية لأهل البيت فكراً وعاطفة وسلوكاً.

واعترف المأمون أيضاً بأفضلية الإمام الرضا عليه السلام وأحقيته بالخلافة وأخبر خواصه بأنّه: نظر في ولد العباس وولد عليّ (رضي الله عنهم)، فلم يجد في وقته أحداً أفضل ولا أحق بالأمر من علي بن موسى الرضا(3) .