إن الحرية النسبية الممنوحة للإمام عليه السلام ولأهل بيته وأنصاره هي فرصة مناسبة لتبيان معالم الدين وإحياء السنة، ونشر منهج أهل البيت عليهم السلام في مختلف الأوساط الاجتماعية والسياسية، فالإمام عليه السلام يمكنه التحرك في البلاط والالتقاء بالوزراء وقادة الجيش وخواص المأمون، ويمكن لإخوانه الذين أصبحوا ولاة التحرك في أمصارهم، وكذلك أنصاره يمكنهم التحرك في

____________________

(1) عيون أخبار الرضا: 2 / 141.


وسط الأُمة، وفي هذا الصدد قال عليه السلام : (اللهم إنك قد نهيتني عن الإلقاء بيدي إلى التهلكة، وقد أكرهت واضطررت كما أشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل متى لم أقبل ولاية عهده... اللهم لا عهد إلاّ عهدك، ولا ولاية إلاّ من قبلك، فوفقني لإقامة دينك، وإحياء سنة نبيك محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ، فإنك أنت المولى وأنت النصير، ونعم المولى أنت ونعم النصير)(1) .

وقد سمحت الظروف للإمام عليه السلام لتبيان المنهج السليم أمام الوزراء والقضاة والفقهاء وأهل الديانات الذين جمعهم المأمون لمناظرة الإمام، إضافة إلى قيامه بتوجيه المأمون إلى اتخاذ الرأي والموقف الأصوب، وحل المسائل المستعصية.