إنّ شرعية الحاكم عند المسلمين مستمدة من النص عليه من قبل رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وهو رأي أهل البيت عليهم السلام أو من الشورى وموافقة أهل الحل والعقد، أو العهد من قبل السابق مشروطاً برضى الأُمة المتأخّر عن زمن العهد وهو رأي بقية الفقهاء، وهؤلاء الفقهاء وإن أقرّوا حكومة المأمون إلا أن إقرارهم كان نابعاً من الترغيب والترهيب، أو استسلاماً منهم للأمر الواقع وعدم قدرتهم على إزالته.

من هنا فالمأمون أدرك أن حكمه بحاجة إلى إضفاء الشرعية عليه، لذا اظهر استعداد التنازل عن الحكم ليقوم الإمام الرضا عليه السلام بالتصدّي له، وحينما رفض الإمام عليه السلام استلام الحكم عرض عليه ولاية العهد فاضطره إلى قبولها، والإمام عليه السلام موضع قبول ورضى من قبل جميع المسلمين كما عبّر الإمام محمد الجواد عليه السلام عن هذه الحقيقة بقوله: (رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون من أوليائه، ولم يكن ذلك لأحد من آبائه عليهم السلام ، فلذلك سمي من بينهم الرضا)(1) .

وقبوله للعهد - في رأي المأمون ورأي كثير من المسلمين - يعني اعترافه بشرعية حكم المأمون، والرضا الظاهري بتقبّل ولاية العهد، يعني رضاه عن الحكم الواقع وعدم معارضته له، ورضاه هو رضا الأُمة التي تواليه عاطفياً وفكرياً.

____________________

(1) عيون أخبار الرضا: 1 / 13 وعنه في البحار: 49/4.