لم تكن دوافع المأمون من جعل الإمام عليه السلام ولياً لعهده نابعة من ولائه لأهل البيت عليهم السلام ؛ لأن مغريات السلطة والرئاسة متغلبة على جميع الولاءات والميول، ولم يكن المأمون صادقاً في ولائه، وكان ميله للعلويين اصطناعاً(3) ، ولا يمكن التصديق بعمق الولاء حتى يكون دافعاً للتنازل عن الحكم وتسليمه إلى الإمام الرضا عليه السلام أو توليته للعهد من بعده، فهل يُعقل أن يضحّي المأمون بالحكم الذي قتل من أجله الآلاف من الجنود والقادة، وقتل أخاه وبعض أهل بيته، ثم يسلّمه إلى غيره؟!

وبالفعل لم يدم الأمر طويلاً، ورحل الإمام عليه السلام إلى ربّه والمأمون حي يرزق، فدوافع المأمون نابعة من مصلحة حكمه ومستقبل أهل بيته، وهو حال جميع أو أغلب الحكام المتعاقبين على دفة الحكم، وإلا فما معنى الإلحاح على الإمام عليه السلام حتى وصل إلى درجة التلويح بل التصريح بالقتل - كما سيأتي - ويمكن تحديد دوافع المأمون بالنقاط التالية:

____________________

(1) عيون أخبار الرضا: 2 / 149، 150.

(2) عيون أخبار الرضا: 2 / 245.

(3) شذرات الذهب: 2 / 3.