كان عليه السلام يدعو إلى التمسك بمكارم الأخلاق ومحاسنها، ويعمق هذه الدعوة من خلال نشر أحاديث رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم التي ترسم للمسلمين المنهج السلوكي السليم، ومن تلك الأحاديث التي رواها:

قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم : (المستتر بالحسنة يعدل سبعين حسنة، والمذيع بالسيئة

____________________

(1) إعلام الورى: 2/64 وعنه في كشف الغمة: 3/106 وفي مناقب آل أبي طالب: 4 / 389.

(2) مناقب آل أبي طالب: 4 / 391.

(3) أعيان الشيعة: 2 / 25.

(4) مناقب آل أبي طالب: 4 / 402.


مخذول، والمستتر بها مغفور له)(1) .

وقال صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم : (إن الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق)(2) .

وقال صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم : (عدة المؤمن نذر لا كفارة لها)(3) .

وكان عليه السلام يدعو للاندكاك بقيم الإسلام والسنن الصادرة من الله تعالى ومن رسوله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ومن أولياء الله فيقول: (لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يكون فيه ثلاث خصال: سنة من ربّه، وسنة من نبيّه، وسنة من وليّه، فأمّا سنة من ربّه فكتمان أمره... وأما السنة من نبيّه فمداراة الناس... وأما السنة من وليّه فالصبر في البأساء والضرّاء)(4) .

وحدّد عليه السلام المفهوم الحقيقي للتواضع والذي هو حركة سلوكية شاملة، تبتدأ بالنفس وتنتهي بالمجتمع، فقال: (التواضع درجات، منها: إن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم، ولا يحبّ أن يأتي إلى أحد إلا مثل ما يؤتى إليه، إن رأى سيئة درأها بالحسنة، كاظم الغيظ، عاف عن الناس، والله يحب المحسنين)(5) .

وكان يضرب الأمثال في خطوات الإصلاح ويقصّ قصص الصالحين لتبقى شاخصة في العقول والنفوس، ومما جاء في ذلك قوله عليه السلام : (إنّ رجلاً كان في بني إسرائيل عَبَدَ الله تبارك وتعالى أربعين سنة، فلم يقبل الله منه، فقال لنفسه: ما أتيت إلا منك، ولا الذنب إلا لك، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: ذمك نفسك أفضل من عبادة أربعين سنة)(6) .

وكان ينشد الشعر لتأثيره السريع على الإسماع والممارسات،

____________________

(1) الكافي: 2 / 428.

(2) الكافي: 2 / 159.

(3) كشف الغمة: 3/58 عن الجنابذي عن النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم .

(4) الكافي: 2 / 242.

(5) الكافي: 2 / 124.

(6) قرب الإسناد: 392.


ويستخدمه كوسيلة لإصلاح الأخلاق، ومما انشده عليه السلام في العلاقات الاجتماعية:

اعذر أخاك على ذنوبه

واستر وغطّ على عيوبه

واصبر على بهت السفيه

وللزمان على خطوبه

ودع الجواب تفضلاً

وكِلِ الظلوم إلى حسيبه (1)

وانشد شعراً لربط المسلمين باليوم الآخر وعدم الانخداع بالأماني، ولاستحضار اليوم الآخر في الأذهان باعتبار تأثيره الكبير في إصلاح الأخلاق قال عليه السلام :

كلنا يأمل مداً في الأجل

والمنايا هنّ آفات الأمل

لا تغرنّك أباطيل المنى

والزم القصد ودع عنك العلل

إنّما الدنيا كظل زائل

حل فيه راكب ثم ارتحل (2)

وكان عليه السلام يدعو المسلمين إلى إقامة العلاقات الاجتماعية الصالحة ويدعو إلى الإخاء والتآلف والتآزر، ويدعو إلى نبذ الأخلاق الطالحة التي تؤدّي إلى التقاطع والتدابر، أو تؤدّي إلى إرباك العلاقات، كالكذب والغيبة والنميمة والبهتان، والاعتداء على أموال الناس وأرواحهم وأعراضهم، وينهى عن جميع الانحرافات الأخلاقية، لكي تكون الأخلاق مطابقة للمنهج الإسلامي السليم، الذي أرسى دعائمه رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وأهل بيته عليهم السلام .