الإمامة مسؤولية إلهية كبيرة ولذا فهي لا تكون إلاّ بتعيين ونصب من الله ونص من رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ولا اختيار للمسلمين فيها لعدم قدرتهم على تشخيص الإمام المعصوم الذي أكّد الله عصمته بقوله تعالى: (لا ينال عهدي

____________________

(1) تهذيب الكمال: 21 / 148.

(2) اُصول الكافي: 1/312، وعيون أخبار الرضا: 1/31، والارشاد: 2/250 والغيبة للطوسي: 37. وروضة الواعظين: 1 / 222، الفصول المهمة: 244

(3) اعلام الورى: 2/64 وعنه في كشف الغمة: 3/107 وعنهما في بحار الأنوار: 49/100.

(4) الارشاد: 2/249 وعنه في اعلام الورى: 2/43 وعن الارشاد في كشف الغمة: 3/60 وعن العيون في بحار الأنوار: 49/13.


الظالمين)(1) ، وقد أكّدت الروايات النبويّة على هذه الحقيقة، ومنها ما صرّح به رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم في بداية الدعوة بقوله: (انّ الأمر لله يضعه حيث يشاء)(2) .

وصرّح رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم في غير مرّة بأنّ الائمة اثنى عشر وأنّ جميعهم من قريش، وقد ورد النص على ذلك بألفاظ عديدة(3) .

ووردت روايات تؤكد أن الائمة من بني هاشم ومن تلك النصوص قول رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم : (بعدي اثنى عشر خليفة... كلهم من بني هاشم)(4) .

ووردت روايات عديدة لتفسّر بني هاشم بعلي بن ابي طالب عليه السلام وأولاده، ثم تحصرها بالحسين عليه السلام وذريته(5) .

ووردت روايات عديدة عن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ذكر فيها اسماء الائمة الاثني عشر، بعضه عام وبعضها خاص، ومن هذه الروايات قول رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم : (الائمة من بعدي اثناعشر، أولهم علي ورابعهم عليّ وثامنهم علي...)(6) .

وعلى ضوء ذلك فإن الإمامة تعيّن بالوصية، فكل امام يوصي إلى الإمام من بعده بعهد معهود من رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم يتناقله كل امام عن الإمام قبله.

قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : (أترون الأمر الينا نضعه حيث نشاء؟! كلاّ والله إنّه لعهد معهود من رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم إلى رجل فرجل، حتى ينتهي إلى صاحبه)(7) .

وفي خصوص تعيين الإمام الرضا عليه السلام إماماً للمسلمين، فإنّ الإمام الكاظم عليه السلام قد نصَّ عليه تلميحاً وتصريحاً لخاصة أصحابه ليقوموا بدورهم

____________________

(1) البقرة (2): 124.

(2) تاريخ الطبري: 2 / 350، السيرة الحلبية: 2 / 3، السيرة النبوية لابن كثير: 2 / 159.

(3) مسند أحمد: 1 / 657، سنن ابي داود: 4 / 106، سنن الترمذي: 4 / 501، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 11، كنز العمّال: 12 / 32.

(4) ينابيع المودة: 1 / 308، مودة القربى: 445، احقاق الحق: 13 / 30.

(5) كفاية الاثر: 23، 29، 35.

(6) جامع الأخبار: 62.

(7) بحار الأنوار: 23 / 70 عن الصدوق في كمال الدين.


في إثبات امامته في الاُمة، ولم يعلن عن إمامته أمام الملأ لأن ظروف الملاحقة والمطاردة من قبل السلطة العباسية كانت تحول دون ذلك.

وقد تظافرت النصوص على تعيين الإمام الكاظم عليه السلام لابنه الإمام الرضا عليه السلام اماماً وقائماً بالأمر من بعده.

فعن نعيم بن قابوس قال: قال لي ابو الحسن عليه السلام : (علي ابني اكبر ولدي وأسمعهم لقولي وأطوعهم لأمري، ينظر معي في كتاب الجفر والجامعة، وليس ينظر فيه الاّ نبي أو وصيّ نبي)(1) .

وقد صرّح عليه السلام بامامته منذ نشأته الأُولى، ففي رواية قال المفضل بن عمر للامام الكاظم عليه السلام : (جعلت فداك لقد وقع في قلبي لهذا الغلام من المودة ما لم يقع لأحد إلاّ لك، فقال: يا مفضل هو منّي بمنزلتي من أبي عليه السلام ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم، قلت: هو صاحب هذا الأمر من بعدك؟ قال: نعم)(2) .