حدّد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم إحدى مسؤوليات الإمام بقوله: (في كل خلف من اُمّتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين، وانتحال المبطلين،

____________________

(1) الصواعق المحرقة: 309.

(2) الصواعق المحرقة: 309.


وتأويل الجاهلين... ((1) .

والإمام الرضا عليه السلام باعتباره أحد ائمة أهل البيت المعصومين عليه السلام مكلّف بهذه المسؤولية، وتتأكد هذه المسؤولية حينما يتصدّى بالفعل لإمامة المسلمين، أمّا في ظل إمامة والده الإمام الكاظم عليه السلام فان مسؤوليته تكون تبعاً لمسؤولية الإمام المتصدّي، والمتصدّي هو الاولى بتحمّل الأعباء والتكاليف، ويبقى غيره صامتاً الاّ في حدود خاصة، وفي هذا الصدد أجاب الإمام جعفر الصادق عليه السلام عن سؤال حول تعدد الائمة في وقت واحد، فقال: (لا، الاّ وأحدهما صامت)(2) .

ففي عهد الإمام الكاظم عليه السلام كان الإمام الرضا عليه السلام صامتاً بمعنى عدم تصدّيه للامامة، وعدم اتخاذ المواقف بشكل مستقل واتباع مواقف الإمام المتصدّي بالفعل لمنصب الامامة، والصمت لا يعني التوقف عن العمل الاصلاحي والتغييري داخل الامة، فقد كان عليه السلام يعمل ويتحرك داخل الامة تبعاً لمسؤوليته المحددّة له، فكان عليه السلام ينشر المفاهيم والقيم الاسلامية، ويردّ على الاسئلة العقائدية والفقهية وكان يفتي في مسجد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وهو ابن نيف وعشرين سنة(3) .

وقال الذهبي: أفتى وهو شاب في أيّام مالك(4) .

وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في عهد إمامة والده عليه السلام ، كما كان يروي عن والده وعن أجداده، وينشر أحاديث أهل البيت عليه السلام وسنّة

____________________

(1) الصواعق المحرقة: 231.

(2) الكافي: 1 / 178.

(3) تهذيب التهذيب: 7 / 339.

(4) سير أعلام النبلاء: 9 / 388.


رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم .

وروى عنه جماعة من الرواة منهم: أبو بكر أحمد بن الحباب الحميري، وداود بن سليمان بن يوسف الغازي، وسليمان بن جعفر وآخرون(1) .

وكان الإمام الكاظم عليه السلام يوجّه الأنظار اليه ويُرجع أصحابه إليه، ومما قاله بحقّه:

(هذا ابني كتابه كتابي، وكلامه كلامي، وقوله قولي، ورسوله رسولي، وما قال فالقول قوله)(2) .

وكان يقول لبنيه: (هذا أخوكم علي بن موسى عالم آل محمد فسلوه عن أديانكم واحفظوا ما يقول لكم)(3) .

وكان عليه السلام يهيّء الأجواء للامام الرضا عليه السلام ليقوم بالأمر من بعده، وممّا قاله لعلي بن يقطين: (يا علي بن يقطين هذا عليّ سيّد ولدي أما إنّه قد نحلته كنيتي)(4) .