واستدعى الرشيد وزيره يحيى بن خالد(٢) فقال له: يا أبا علي أما ترى ما نحن فيه من هذه العجائب ؟ ألا تدبّر في أمر هذا الرجل تدبيراً تريحنا من غمّه ؟ فأشار عليه بالصواب وأرشده إلى الخير فقال له:

الذي أراه لك يا أمير المؤمنين إن تمنن عليه وتصل رحمه فقد والله أفسد علينا قلوب شيعتنا وكان يحيى يتولاّه وهارون لا يعلم ذلك. فاستجاب الرشيد لنصحه وقال له: انطلق إليه وأطلق عنه الحديد وأبلغه عني السلام وقل له: يقول لك ابن عمّك: إنه قد سبق مني فيك يمين أني لا أخليك حتى تقرّ لي بالإساءة وتسألني العفو عمّا سلف منك وليس عليك في إقرارك عار ولا في مسألتك إيّاي منقصة، وهذا يحيى بن خالد ثقتي ووزيري وصاحب أمري فاسأله بقدر ما أخرج من يميني. وانصرف راشداً. ولم يخف على الإمام ذلك لأنه يريد أن يأخذ من الإمام عليه السلام اعترافاً بالإساءة ليتخذها وسيلة إلى التشهير به ومبرّراً لسجنه له.

ــــــــــــ

(١) عيون أخبار الرضا: ١/١٠١ ـ ١٠٢ وعنه في بحار الأنوار: ٤٨/٢٢٣ ح ٢٦.

(٢) أبو الفضل البرمكي مربّي الرشيد ومؤدّبه ومعلّمه، ولد سنة ١٢٠ وتوفي في سنة ١٩٠ هـ.


فلما مثل يحيى عنده وأخبره بمقالة الرشيد. فقال له الإمام عليه السلام : (أولاً سيجري عليك أنت وأسرتك من زوال النعمة على يد هارون ، وحذّره من بطشه) ثم ردّ ثانياً على مقالة الرشيد قائلاً:

(يا أبا علي، أبلغه عنّي: يقول لك موسى بن جعفر: يأتيك رسولي يوم الجمعة فيخبرك بما ترى ـ أي بموته ـوستعلم غداً إذا جاثيتك بين يدي الله من الظالم والمعتدي على صاحبه والسلام) (١) .