إنّ الظواهر الفكرية والعقائدية السائدة في عصر الإمام الصادق عليه السلام ـ مثل : الزندقة ، الغلّو ، والاعتزال ، والجبر ، والرأي ، وما نتج عنها من ظهور صيغ جديدة لفهم الرسالة في مجال الفقه وتفسير الحديث والقرآن الكريم ـ لم تكن وليدة الظرف الّذي عاصره الإمام ولم تأتي بالمصادفة ، وإنّما يعود وجودها إلى ذلك المنهج الّذي خطّه الأمويون ومَن سبقهم من الخلفاء الذين اجتنبوا منهج أهل البيت عليهم السلام وسلكوا طريقاً آخر طيلة عشرة عقود أو أكثر ، فعكس للأجيال صورة مزيّفة عن الدين لا يتجاوز كونه أداة موجهة بيد الحكّام يحمون به سلطانهم ويوظّفونه حسب ما تتطلّبه سياستهم ، ضد المستضعفين حين أصبح المسلم آنذاك لا يرى إلاّ الصورة المقيتة عن الدين ؛ ولهذا كانت الزندقة ردّة فعل لهذا الانحراف بعد تلاعب الحكّام بالدين ، وقد لقيت رواجاً في هذا الوسط الديني المضطرب والمليء بالمفاهيم الخاطئة .

إنّ اضطراب الموازين والقيم قد أدّى إلى التشكيك حتى في السُنّة النبوية ، بل في فهم الكتاب الإلهي العظيم والركون إلى الرأي والاستحسان والتجاوز عن مداليل النصوص المأثورة بلا قانون علمي قويم .

فإذا أردنا أن نحاكم الأفكار المنحرفة التي انتشرت في عصر الإمام الصادق عليه السلام كان علينا أن نعرف الخلفيات التي انتهت بالأمة إلى هذا الاضطراب .

من هنا نتناول مفردات من المنهج الأموي التحريفي ودوره التخريبي


في فهم القرآن والسنّة وحوادث التاريخ ، مقتصرين على ذكر بعض النماذج في كل مجال .