وبيّن الخصائص الولائية والسلوكية للجماعة الصالحة من حيث علاقاتهم فيما بينهم وعلاقاتهم مع الآخرين. فقال عليه السلام :(إنما شيعة عليّ: المتباذلون في ولايتنا المتحابّون في مودّتنا المتزاورون لإحياء أمرنا.الذين إذا اغضبوا لم يظلموا وإذا رضوا لم يسرفوا بركة على من جاوروا سلم لمن خالطوا) (٤) .

وقال أيضاً:(إنما شيعة عليّ: من لا يعدو صوتُه سمعَه، ولا شحناؤه بدنَه، لا يمدح لنا قالياً ولا يواصل لنا مبغضاً ولا يجالس لنا عائباً) (٥) .

ــــــــــــــ

(١) المحاسن: ١٥٥.

(٢) الكافي: ٢ / ٧٤.

(٣) المصدر السابق: ٢ / ٧٣.

(٤) تحف العقول: ٢٢٠.

(٥) بحار الأنوار: ٦٥ / ١٦٨ .


وقال أيضاً:(إنما شيعة عليّ: الحلماء العلماء، الذبل الشفاه، تعرف الرهبانية على وجوههم) (١) .

وقال أيضاً:(إنّما المؤمن الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحقّ، والذي إذا قدر لم تخرجه قدرته إلى التعدّي إلى ما ليس له بحقّ) (٢) .

وبيّن عليه السلام أسس التقييم الموضوعي لمن يريد إثبات صحة انتمائه للجماعة الصالحة. ومن هذه الأسس عرض الإنسان نفسه على كتاب الله.

قال عليه السلام :(يا جابر، واعلم بأنّك لا تكون لنا وليّاً حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك، وقالوا: إنك رجل سوء لم يحزنك ذلك، ولو قالوا: إنك رجل صالح لم يسرّك ذلك. ولكن اعرض نفسك على كتاب الله ; فإن كنت سالكاً سبيله زاهداً في تزهيده راغباً في ترغيبه خائفاً من تخويفه فاثبت وأبشر، فإنه لا يضرّك ما قيل فيك وإن كنت مبائناً للقرآن فما الذي يغرك من نفسك ؟!...) (٣) .

والعلامة المميّزة لأفراد الجماعة الصالحة هي التزامهم بمبادئ القرآن الكريم وقيمه في مختلف مجالات الحياة الإسلامية، في العبادة والارتباط بالله تعالى، وفي العلاقات الاجتماعية، وقد بيّن ذلك بقوله عليه السلام ـ كما مرّ سابقاً ـ:

(فوالله ما شيعتنا إلاّ من اتّقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون يا جابر إلاّ بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء، وأهل المسكنة، والغارمين، والأيتام. وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكفّ الألسن عن الناس إلاّ من خير. وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء) (٤) .

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٦٥ / ١٨٩.

(٢) الكافي: ٢/٢٣٤.

(٣) تحف العقول: ٢٠٦، مستدرك الوسائل: ١/٤٦٠.

(٤) الكافي: ٢ / ٧٤ .