وذكر المؤرخون أنّ الإمام الحسين عليه السلام - بعد أن قرّر التوجّه إلى العراق - بعث رسالة إلى زعماء البصرة جاء فيها: (أمّا بعد، فإنّ الله اصطفى محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله من خلقه، وأكرمه بنبوّته، واختاره لرسالته، ثم قبضه إليه، وقد نصح لعباده، وبلّغ ما أرسل به، و كنّا أهلَه و أولياءه و أوصياءه وورثته و أحقَّ الناس بمقامه، فاستأثر علينا قومنا بذلك، فرضينا وكرهنا الفرقة وأحببنا العافية، و نحن نعلم أنّا أحقُّ بذلك الحقّ المستحقّ علينا ممّن تولاّه، وقد بعثتُ رسولي إليكم بهذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه، فإنّ السنّة قد أُميتت والبدعة قد أُحييت، فإنْ تسمعوا قولي أهدكم إلى سبيل الرشاد)(2) .

وقد بعث عليه السلام عدّة نسخ من هذه الرسالة إلى كلٍّ من: مالك بن مسمع البكري، والأحنفِ بن قيس، والمنذر بن الجارود، و مسعود بن عمرو، وقيس ابن الهيثم، وعمرو بن عبيد بن معمر، ويزيد بن مسعود النهشلي، وأرسل الإمام عليه السلام النسخ مع مولىً له يقال له: سليمان أبو رزين.

ولم يجب على رسالة الإمام عليه السلام غيرُ الأحنف بن قيس و يزيد بن مسعود، أمّا المنذر بن الجارود فقد سلّم رسول الحسين إلى ابن زياد - وكان

____________________

(1) حياة الإمام الحسين: 2 / 348، عن تأريخ الطبري: 6 / 224.

(2) مقتل الحسين للمقرّم: 159 - 160، وتأريخ الطبري: 4 / 266، وأعيان الشيعة: 1 / 590.


حينها والياً على البصرة - فصلبه عشية الليلة التي خرج في صبيحتها إلى الكوفة(1) . وكانت ابنة المنذر زوجة ابن زياد فزعم المنذر أنّه كان يخشى أن يكون الرسول مدسوساً من ابن زياد لكشف نواياه.