كانت للعرب عدّة حروب استحلّت فيها حرمة الأشهر الحرم فسميت بحروب الفجار(٥) .

وزعم بعض المؤرخين أنّ النبيّ صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم قد حضر بعض أيامها، وشارك فيها بنحو من المشاركة. وقد شكك بعض المحققين في ذلك لأسباب منها:

ــــــــــــ

(١) علل الشرائع: ص٢٣، سفينة البحار: مادة نبأ.

(٢) تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٢١، البداية والنهاية: ٢ / ٢٩٦.

(٣) صحيح البخاري: كتاب الإجارة، الباب ٣٠٣ ، الحديث رقم ٤٩٩ .

(٤) القلم : ٦٨/٤.

(٥) موسوعة التاريخ الإسلامي ١ : ٣٠١ ـ ٣٠٥ عن الأغاني ١٩ : ٧٤ ـ ٨٠ .


أولاً: أن الرسول صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم كلما تقدم في العمر كانت شخصيته تزداد تألّقاً وقد عرف بشجاعته الفائقة كسائر بني هاشم، ولكن هذا لا يعني أنهم شاركوا في حرب فيها ظلم وفساد. فقد روي أن أحداً من بني هاشم لم يحضر هذه الحروب فإن أبا طالب كان قد منع أن يكون فيها أحد منهم حين قال: هذا ظلم وعدوان، وقطيعة رحم، واستحلال للشهر الحرام، ولا أحضره ولا أحد من أهلي(١) . وانسحب عبد الله بن جدعان وحرب بن أُمية ـ وهو قائد قريش وكنانة حينذاك ـ وقالا: لا نحضر أمراً تغيب عنه بنو هاشم(٢) .

ثانياً: اختلفت الروايات حول الدور الذي أدّاه النبيّ صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم في هذه الحرب، فبعضهم روى: أنّ عمله صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم كان يقتصر على مناولة النبل لأعمامه والردّ على نبل عدوهم وحفظ متاعهم (٣) . وروى آخر: أنّه قد رمى فيها برميات (٤) ، وروى ثالث أنه طعن أبا البراء ملاعب الأسنة فصرعه (٥) مع أنه كان غلاماً (٦) ، ولا ندري هل كانت العرب تسمح للغلام بخوض المعارك والحروب (٧) .