أكثر الإمام عليه السلام من مراسلة طلحة والزبير بعد أن شارفت قواته على أبواب البصرة ، فخشيت عائشة ومن معها من اقتناع قادتها وجموع الناس معها بحجج الإمام عليه السلام فخرجوا لملاقاته ، فلمّا توقّفوا للقتال أمر الإمام عليه السلام منادياً ينادي في أصحابه :لا يرمينّ أحد سهماً ولا حجراً ولا يطعن برمح حتى أُعذر القوم فأتّخذ عليهم الحجّة البالغة (٢) .

فلم يجد الإمام عليه السلام منهم إلاّ الإصرار على الحرب ، ثمّ خرج الإمام عليه السلام إلى الزبير وطلحة فوقفوا ما بين الصفّين ، فقال الإمام عليه السلام لهما :لعمري لقد أعددتما سلاحاً وخيلاً ورجالاً ، إن كنتما أعددتما عند الله عذراً فاتّقيا الله ولا تكونا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ، أَلم أكن أخاكما في دينكما ؟ تحرّماني دمي وأُحرّم دمكما فهل من حدث أحلّ لكما دمي ؟

ثمّ قال عليه السلام لطلحة :أجئت بعرس رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم تقاتل بها وخبّأت عرسك في البيت ؟! أما بايعتني ؟ ثمّ قال عليه السلام للزبير :قد كنا نعدّك من بني عبد المطلب حتى بلغ ابنك ابن السوء عبد الله ففرّق بيننا ، ثمّ قال عليه السلام :أتذكر يا زبير يوم مررت مع رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم في بني غنم ، فنظر إليّ فضحك وضحكت إليه فقلتَ له : لا يدع ابن أبي طالب زهوه ، فقال لك رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم : ليس بِمُزهٍ ـ أي : ليس به زهو ـلتقاتله وأنت له ظالم ؟! قال الزبير : اللَّهُم نعم .

وروي : أنّ الزبير اعتزل الحرب وقتل بعيداً عن ساحة الحرب بعد أن

ــــــــــــ

(١) الإمامة والسياسة ك ٩٠ ، وبحار الانوار : ٣٢ / ١٢٢ .

(٢) الإمامة والسياسة : ٩١ ، ومروج الذهب : ٢ / ٢٧٠ .


استعرت الفتنة(١) كما أنّ طلحة قتله مروان بن الحكم في ساحة المعركة(٢) .