افتتن الناس بقدوم عائشة على البصرة ، فبين منكر ومؤيّد ومصدّق ومكذّب افترقت جماهير البصرة ، وتأزّم الموقف ، فاصطدم الناس واقتتلوا على فم السكّة ، ولم يحجز بينهم إلاّ الليل ، وكان عثمان بن حنيف لا يريد إراقة الدماء ويجنح للسلم وينتظر قدوم الإمام عليّ عليه السلام إلى البصرة ، فلمّا عضّت الحرب الطرفين ؛ تنادوا للصلح ، فكتبوا كتاباً لعقد هدنة مؤقّتة على أن يبعثوا رسولاً إلى المدينة يسأل أهلها ، فإن كان طلحة والزبير اُكرها على البيعة ؛ خرج ابن حنيف عن البصرة ، وإلاّ خرج عنها طلحة والزبير(٢) .

وعاد كعب بن مسور رسول الطرفين إلى المدينة بادّعاء أسامة بن زيد أنّ طلحة والزبير بايعا مكرهين ومخالفة أهل المدينة لرأي أسامة فاستغلّها زعماء جيش عائشة ، فهجموا في ليلة ذات رياح ومطر على قصر الإمارة حيث يتواجد عثمان بن حنيف فقتلوا أصحابه وأسروا ونتفوا لحيته ورأسه وحاجبيه ، ولكنّهم خافوا من قتله لأنّ أخاه سهل بن حنيف والي الإمام على المدينة(٣) .

ــــــــــــ

(١) تأريخ الطبري : ٣ / ٤٨٢ ط مؤسسة الأعلمي ، والكامل في التأريخ : ٣ / ٢١٣ .

(٢) الإمامة والسياسة : ٨٧ ، والطبري : ٣ / ٤٨٣ ط مؤسسة الأعلمي ، وراجع الكامل في التأريخ : ٣ / ٢١٥ .

(٣) الإمامة والسياسة : ٨٩ ، وتأريخ الطبري : ٣ / ٤٨٤ ط مؤسسة الأعلمي ، ومروج الذهب للمسعودي : ٢ / ٣٦٧ .