حين شارف جيش عائشة مدينة البصرة ؛ قام عثمان بن حنيف والي الإمام عليه السلام على البصرة موضّحاً أمر الجيش المتقدم إليهم ، ومحذّراً الناس من الفتنة وبطلان وضلالة موقف زعماء الجيش ، وأعلن المخلصون للإسلام وللإمام عليه السلام استعدادهم للدفاع عن الحقّ والشريعة المقدّسة وصدّ الناكثين عن الاستيلاء على البصرة(٣) .

وفي محاولة من عثمان بن حنيف ـ الذي يتأسّى بأخلاق الإسلام ويطيع إمامه عليه السلام ـ سعى أن يثني عائشة ومَن معها من غيّهم لتجنّب وقوع القتال ، فأرسل إليهم عمران بن حصين وأبا الأسود الدؤلي ليحاججوا عائشة ومن معها ببطلان موقفهم ، ولكن محاولات الرجلين باءت بالفشل ، فقد كانت عائشة ومعها طلحة والزبير مصرّين على نيّتهم في إثارة الفتنة وإعلان الحرب(٤) .

وأقبلت عائشة ومن معها حتى انتهوا إلى (المربد) فدخلوا من أعلاه وخرج إليهم عثمان بن حنيف ومن معه من أهل البصرة ، فتكلّم طلحة والزبير وعائشة يحرّضون الناس على الخروج على بيعة الإمام عليه السلام بدعوى الثأر لعثمان ، فاختلف الناس بين معارض ومؤيّد .

ــــــــــــ

(١) الإمامة والسياسة : ٨٢ ، وأخرج الحديث أحمد في مسنده : ٦ / ٥٢١ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : ٢ / ٤٩٧ .

(٢) الإمامة والسياسة : ٨٢ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٩٥ .

(٣) الإمامة والسياسة : ٨٣ .

(٤) تاريخ الطبري : ٣ / ٤٧٩ ط مؤسسة الأعلمي ، والكامل في التأريخ : ٣ / ٢١١ .


وأقبل جارية بن قدامة السعدي لينصح عائشة عسى أن يردّها عن تأجيج الفتنة ، فقال : يا أم المؤمنين ! والله لقتل عثمان بن عفان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون ، عرضة للسلاح ، إنّه قد كان لك من الله ستر وحرمة فهتكتِ سترك وأبحت حرمتك ، إنّه من رأى قتالك ؛ فإنّه يرى قتلك ، لئن كنت أتيتنا طائعةً فارجعي إلى منزلك، وإن كنت أتيتنا مستكرهة فاستعيني بالناس(١) .