نقم المسلمون على عثمان ، وتصلّب خيار الصحابة في مواقفهم تجاه انحراف الخليفة وجهازه الحاكم ، وفي قبال ذلك أمعن عثمان بالتنكيل بالمعارضين والمندّدين بسياسته المنحرفة ، وبالغ في ذلك دون أن يرعوي لصحابة رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ، فمن ذلك أنّ أبا ذر الصحابيّ الجليل أكثَرَ من اعتراضه

ــــــــــــ

(١) الطبري : ٣ / ٣٩٧ ط مؤسسة الأعلمي .

(٢) مروج الذهب : ٢ / ٢٢٥ .

(٣) الطبقات لابن سعد : ٥ / ٣٨٨ ، وتاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٥٣ ، وأنساب الأشراف : ٥ / ٥٨ ، والمعارف لابن قتيبة : ص ٨٤ ، وشيخ المضيرة أبو هريرة : ١٦٩ ، والغدير : ٨ / ٢٧٦ .


على مساوئ عثمان ، فسيّره إلى الشام ، ولم يطق معاوية وجوده فأرجعه إلى المدينة ، واستمرّ أبو ذر بجهاده وإنكاره السياسة الأموية ، فضاق عثمان به ذرعاً فقرّر نفيه إلى الربذة ومنع الناس من توديعه.

ولكنّ الإمام عليّاً عليه السلام خفّ لتوديعه ومعه الحسنان وعقيل وعبد الله بن جعفر ، فاعترضهم مروان بن الحكم ليردّهم ، فثار الإمام عليّ عليه السلام فحمل على مروان ، وضرب أذني دابته وصاح به :تنحَّ نحّاك الله إلى النار (١) ، ووقف الإمام عليّ عليه السلام مودّعاً أبا ذر فقال له :(يا أبا ذر ! إنّك غضبت لله فَارْجُ من غضبت له ، إنّ القوم خافوك على دنياهم ، وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم ! وما أغناك عمّا منعوك ! وستعلم مَن الرابح غداً والأكثر حسداً !) (٢) .

فلمّا رجع عليّ عليه السلام من توديع أبي ذر ؛ استقبله الناس فقالوا له : إنّ عثمان عليك غضبان ، فقال عليّ عليه السلام :(غضب الخيل على اللجم) .