تنص الأحاديث الشريفة أنه عليه السلام يسير بسيرة جده صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم الذي قال: «بُعثت بين جاهليتين لاُخراهما شر من أولاهما»(١) ، وبيّن لاُمته الكثير من مظاهر الجاهلية الثانية الأشد شراً، فالمهدي: «يصنع كما صنع رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ما كان قبله ويستأنف الإسلام جديداً»(٢) وقد تحدث النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم عن غربة الإسلام بعده ونقل عنه المسلمون ذلك(٣) .

فالمهدي يهدم الجاهلية الثانية كما هدم جده صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم الجاهلية الأولى، ويستأنف الإسلام الذي عاد غريباً كما بدأ غريباً. ولكن ثمة فروقاً بين السيرتين تفرضهما بعض الخصوصيات الزمانية لكل منها. وهذه الخصوصيات الزمانية هي التي تفسّر الفروق في سيرتيهما عليهما‌ السلام كما سنلاحظ بعضها في سياساته العسكرية والقضائية والإدارية والدينية وغيرها. ولهذا فلا يضر ذلك بحقيقة أن سيرتيهما ـ صلوات الله عليهما ـ واحدة.

ـــــــــــ

(١) أمالي الشجري: ٢ / ٧٧.

(٢) غيبة النعماني: ٢٣٢، عقد الدرر للمقدسي الشافعي: ٢٢٧، تهذيب الأحكام: ٦/ ١٥٤.

(٣) مسند أحمد: ١ / ١٨٤، صحيح مسلم: ١ / ١٣٠، سنن ابن ماجة: ٢/ ١٣١٩، الترمذي: ٥:١٨.