يقول الإمام المهدي عليه السلام في رسالته الاُولى للشيخ المفيد: «... فإنّا نحيط علماً بأنبائكم ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم مُذ جنح كثير منكم الى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء وأصطلمكم الأعداء»(١) .

إن الإمام يتابع أوضاع المؤمنين ويحيط علماً بالتطورات التي تحصل لهم ومحاولات الاستئصال والإبادة التي يتعرّضون لها ويتخذ الإجراءات اللازمة لدفع الأخطار عنهم بمختلف أشكالها، وهذه الرعاية هي أحد العوامل الأساسية التي تفسر حفظ أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام واستمرار وجودهم وتناميه على مدى الأجيال على الرغم من شدة الحملات التصفوية التي عرضوا لها والإرهاب الفكري الحاد الذي مورس ضدهم لقرون طويلة. فهذه التصفيات الجسدية والمحاربة الفكرية الواسعة التي شهدها التأريخ الإسلامي كانت قادرة ولا شك على إنهاء وجودهم جسدياً وفكرياً لولا الرعاية المهدوية.

ـــــــــــ

(١) الاحتجاج: ١/٣٢٣ وعنه في معادن الحكمة: ٢/ ٣٠٣.