طوال ما يزيد على القرنين قام أئمة أهل البيت النبوي ـ صلوات الله عليهم ـ بتبليغ معظم ما تحتاجه الأمة خلال عصر الغيبة الكبرى من معارف القرآن الكريم وسنّة جدهم سيد المرسلين صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم والتي تمثل بمجموعها الإسلام النقي والدين القيّم الذي أمر الله تبارك وتعالى باتباعه والعمل على وفقه، والعروة الوثقى المعبّرة عن التمسك بالثقلين اللذين تكون بهما النجاة من الضلالة وميتة الجاهلية، وتضمن هذا التراث تحديد وتوضيح قواعد وأصول استنباط الأحكام الشرعية والمعارف الإسلامية من هذا التراث الروائي الثر لسنّة الرسول صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وأئمة عترته عليهم السلام الذين أمروا أصحابهم بحفظه وتدوينه ليكون مصدراً ـ الى جانب القرآن الكريم ـ لجميع المعارف والأحكام الإسلامية التي تحتاجها الأمة الإسلامية الى ظهور الإمام المهدي عليه السلام ، وكانت ثمرة هذا الأمر تلك الروايات الشريفة من قبل أصحاب الأئمة حيث عُرفت بالأصول الأربعمائة التي تم تدوينها في عصر الأئمة السابقين للإمام المهدي عليه السلام ، وحفظت فيها جل نصوص السنة النبوية الشريفة(١) .

وخلال الغيبة الصغرى أكمل الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر عليه السلام ما تبقّى مما تحتاجه الأمة خلال الغيبة الكبرى من تلك المعارف وما يعين المؤمنين على التحرك والاستقامة على الصراط المستقيم ويحفظ للاُمة استمرار مسيرتها التكاملية; وهذا هو الهدف العام الثاني لسيرته عليه السلام في فترة الغيبة الكبرى كما يتجلى في الكثير من الرسائل الصادرة عنه فيها.

ـــــــــــ

(١) راجع في هذا الباب كتاب «منع تدوين الحديث ـ اسباب ونتائج» للسيد علي الشهرستاني: ٣٩٧ ـ ٤٦٥ الفصل الخاص بتأريخ تدوين السنة النبوية عند مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام .