لم يتوان الأئمة من أهل البيت عليهم السلام في دعوة الناس إلى الهدى ودين الحق في كل الظروف والأحوال. والإمام الحسن العسكري عليه السلام شأنه شأن آبائه الكرام في الحرص على هداية العباد وإخراجهم من الظلمات إلى النور. ونجد في حياته عليه السلام نماذج تشير إلى هذا النوع من النشاط.

فعن محمد بن هارون أنّه قال: أنفذني والدي مع بعض أصحاب أبي القلا صاعد النصراني لأسمع منه ما روي عن أبيه من حديث مولانا أبي محمّد الحسن بن علي العسكري عليه السلام فأوصلني إليه فرأيت رجلاً معظماً وأعلمته السبب في قصدي فأدناني وقال:

حدثني أبي أنه خرج وإخوته وجماعة من أهله من البصرة إلى سرّ من رأى للظلامة من العامل، [فبينما هم] بسرّ من رأى في بعض الأيام يقول: إذا بمولانا أبي محمد عليه السلام على بغلة، وعلى رأسه شاشة، وعلى كتفه طيلسان، فقلت في نفسي: هذا الرجل يدّعي بعض المسلمين أنه يعلم الغيب، وقلت: إن كان الأمر على هذا فيحوّل مقدّم الشاشة إلى مؤخّرها، ففعل ذلك.

فقلت: هذا اتفاق ولكنه سيحوّل طيلسانه الأيمن إلى الأيسر والأيسر إلى الأيمن ففعل ذلك وهو يسير، وقد وصل إليّ وقال:يا صاعد لم لا تشغل بأكل حيدانك عمّا لا أنت منه ولا إليه ، وكنّا نأكل سمكاً.

وأسلم صاعد بن مخلّد وكان وزيراً للمعتمد(١) .

وعن إدريس بن زياد الكفرتوثائي قال: كنت أقول فيهم قولاً عظيماً

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٥٠/٢٨١.


فخرجت إلى العسكر للقاء أبي محمد عليه السلام فقدمت وعليّ أثر السّفر ووعثاؤه فألقيت نفسي على دكّان حمام فذهب بي النوم، فما انتبهت إلاّ بمقرعة أبي محمد عليه السلام قد قرعني بها حتى استيقظت فعرفته فقمت قائماً أُقبّل قدمه وفخذه وهو راكب والغلمان من حوله، فكان أول ما تلقّاني به أن قال:يا إدريس ( بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) . فقلت: حسبي يا مولاي وإنّما جئت أسألك عن هذا. قال: فتركني ومضى(١) .

ــــــــــــ

(١) المناقب: ٢/٤٦٢.