في غمرة أفراح النبي صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم بنجاح الإسلام وانتشار الرسالة حيث كان الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، وعك إبراهيم بعد أن دخل في عامه الثاني وجعلت أُمّه (ماريا) تمرّضه ولم ينفع معه شيء فأبلغ النبي صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم باحتضار ولده فأقبل وإبراهيم يجود بنفسه في حضن اُمه فأخذه النبي صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم وقال: (يا إبراهيم إنا لن نغني عنك من الله شيئاً إنا بك لمحزونون تبكي العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرّب ولولا أنه وعدٌ صادق وموعود جامع فإن الآخر منا يتبع الأول لوجدنا عليك يا إبراهيم وجداً شديداً ما وجدناه) (٢) .

وبدت علامات الحزن واضحة على قسمات وجه النبي صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم وقيل له: يا

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٥٣٧، السيرة الحلبية: ٣ / ٢١٦.

(٢) السيرة الحلبية: ٣ / ٣١١، بحار الأنوار: ٢٢ / ١٥٧.


رسول الله أولست قد نهيتنا عن هذا؟ فقال صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم :(ماعن الحزن نهيت ولكني نهيت عن خمش الوجوه وشق الجيوب ورنّة الشيطا ن(١) .

وروي أنه قال:(إنما هذا رحمة ومن لا يَرحم لا يُرحم) (٢) .

ولعظيم منزلة النبي صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم عند الله سبحانه وما أظهر من معجزات للعالمين حتى آمنوا به ظن بعضالمسلمين أنّ كسوف الشمس في يوم وفاة إبراهيم إنما كان من آيات الله لموته.

وسرعان ما ردّ النبي صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم على هذا الزعم خشية أن تتحول الخرافة إلى سُنّة ومعتقد يتخذها الجاهلون. فقال صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم : (أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته) (٣) .

ــــــــــــ

(١) السيرة الحلبية: ٣ / ٣١١.

(٢) بحار الأنوار: ٢٢ / ١٥١.

(٣) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ٨٧ .