وشيعتهم الذين يحذون حذوهم ، وأخذت هذه الظاهرة تنمو وتظهر على الساحة الإسلامية ، وهذا ممّا لا يرتاح له الحكّام العباسيون وعملاؤهم الذين جلسوا على موائدهم التي جسّدت أفضع أنواع التبذير في بيت مال المسلمين .

وأهل البيت عليهم السلام بعد ثورة الحسين عليه السلام وإن لم يتصدّوا للثورة المسلّحة ضدّ الطغاة لأسباب تعود إلى سياستهم المبدئية لمعالجة أنواع الانحراف في المجتمع الإسلامي ، لكنّهم قد فتحوا الطريق أمام الثوّار العلويين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالسيف والسلاح حين لا يثمر الكلام والحجاج .

ومن هنا لم تخل الساحة الإسلامية من الثورات التي قام بها قادة علويون على طول الخط بعد ثورة الحسين عليه السلام .


وقد استمرّت هذه الثورات حتى عصر الغيبة وانتهت فيما بعد إلى تأسيس دويلات وإمارات يحكمها قادة علويون أو علماء يحملون ثقافة أهل البيت عليهم السلام ويحاولون تجسيد قيمهم وسيرتهم في الحياة الإسلامية .

ولم تكن اغتيالات الخلفاء للأئمة من أهل البيت عليهم السلام إلاّ باعتبار دعمهم لهذه الثورات المسلّحة وتأييدهم لها من قريب أو من بعيد .

وهذا الخط الثوري في هذه الظروف الحرجة يُعدّ أحد الأسباب التي حتّمت على الإمام الثاني عشر ـ باعتباره آخر القادة المعصومين ـ أن يتستّر بستار الغيبة لئلاّ تخلو الأرض من حجج الله وبيّناته .

وقد خرج على حكّام هذا العصر من العلويين مجموعة تمثّل استمرار الخط الثوري ضدّ الظلم والظالمين وإليك قائمة بأسمائهم مع ذكر تاريخ ومنطقة تحرّكهم وخروجهم :

١ ـ محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، خرج في حكومة المعتصم واعتُقل في سنة (٢١٩ هـ) وروي

أنّه قُتل بالسمّ .

٢ ـ محمد بن صالح بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام خرج على المتوكّل في المدينة وأُسر وسُجن في سامراء .

٣ ـ يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .

خرج على المستعين في الكوفة سنة (٢٥٠ هـ) ، ارتضاه أهل بغداد وليّاً للأمر كما بايعه جملة من أهل الحل والعقد في الكوفة .

وضجّ الناس لقتله وحزنوا عليه حزناً لم ير مثله .

٤ ـ الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، خرج في طبرستان سنة (٢٥٠ هـ) واستولى على الري وآمل وامتدّ نفوذه إلى جرجان في سنة (٢٥٧ هـ) واستمرّ في الحكم حتى سنة (٢٧٠ هـ) ، ثم خلفه أخوه محمّد بن زيد وكان فقيهاً أديباً وجواداً .

٥ ـ محمد بن جعفر بن الحسن ، خرج في الري سنة (٢٥٠ هـ) ودعا أهل الري إلى حكم الحسن بن زيد الذي كان قد سيطر على طبرستان .


٦ ـ الحسن بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليهم السلام ثار في قزوين سنة (٢٥٠ هـ) .

٧ ـ الحسين بن محمد بن حمزة بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ثار في الكوفة سنة (٢٥١ هـ) .

٨ ـ إسماعيل بن يونس بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ثار في مكّة سنة (٢٥١ هـ) .

٩ ـ أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن طباطبا ثار في سنة (٢٥٥هـ) بين برقة والإسكندرية .

١٠ و ١١ ـ عيسى بن جعفر العلوي ، ثار مع علي بن زيد في الكوفة سنة (٢٥٥ هـ) .

١٢ ـ علي بن زيد بن حسين بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ثار في الكوفة سنة (٢٥٦ هـ) للمرة الثانية .

١٣ ـ إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب عليهم السلام المعروف بابن الصوفي ثار في مصر سنة (٢٥٦ هـ)(١) .

هذه صورة موجزة عن الحركات المناهضة للحكّام الذين تربّعوا على كرسيّ الخلافة وحكموا باسم الرسول صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وهم بعيدون كل البعد عن هديه وسننه .

وفي مثل هذه الظروف السياسية العامة والفتن الدينية التي أجّجها الخلفاء وسقتها الثقافات المستوردة ، ماذا كانت تتطلّبه الساحة الإسلامية العامة من معالجات ؟ وماذا كانت تتطلّبه الساحة الخاصة بأتباع أهل البيت عليهم السلام الذين أخذوا يقتربون من عصر الغيبة الذي أخبر عنه الرسول صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم والأئمة من أهل البيت عليهم السلام وبدأت تتكشّف علائمه وتتهيّأ أسبابه ؟ هذا ما سوف ندرسه خلال الفصول التالية إن شاء الله تعالى .

ــــــــــــــ

(١) راجع مقاتل الطالبيين : ٤٧٨ ـ ٥٣٦ ومروج الذهب : ٤/٥٠ ـ ١٨٠ ، والكامل في التاريخ ، الجزء السابع .