[ 196 ]


ومن خطبة له(عليه السلام)
[بعثة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)]


     بَعَثَهُ حِينَ لاَ عَلَمٌ قَائِمٌ، وَلاَ مَنَارٌ سَاطِعٌ، وَلاَ مَنْهَجٌ وَاضِحٌ.

[العظة بالزهد]


     أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ، بِتَقْوَى اللهِ، وَأُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا، فإِنَّهَا دَارُ شُخُوص
(1)، وَمَحَلَّةُ تَنْغِيص، سَاكِنُهَا ظَاعِنٌ، وَقَاطِنُهَا بَائِنٌ(2)، تَمِيدُ(3) بِأَهْلِهَا مَيَدَانَ السَّفِينَةِ تَقْصِفُهَا(4) الْعَوَاصِفُ فِي لُجَجِ الْبِحَارِ، فَمِنْهُمُ الْغَرِقُ الْوَبِقُ(5)،
____________
     1. الشُخُوص: الذهاب والانتقال إلى بعيد.
     2. بائن: مبتعد منفصل.
     3. تَمِيد: تضطرب اضطراب السفينة.
     4. تقصفها: تكسرها الرياح الشديدة.
     5. الوَبِق ـ بكسر الباء ـ : الهالك، أي منهم من هلك عند تكسر السفينة، ومنهم من بقيت فيه الحياة فنجا.


وَمِنْهُمُ النَّاجِي عَلى مُتُونِ الاَْمْوَاجِ، تَحْفِزُهُ
(1) الرِّيَاحُ بِأَذْيَالِهَا، وَتَحْمِلُهُ عَلى أَهْوَالِهَا، فَمَا غَرِقَ مِنْهَا فَلَيْسَ بِمُسْتَدْرَك، وَمَا نَجَا مِنْهَا فَإِلى مَهْلَك!
     عِبَادَ اللهِ، الاْنَ فَاعْلَمُوا، وَالاَْلْسُنُ مُطْلَقَةٌ، وَالاَْبدَانُ صَحِيحَةٌ، وَالاَْعْضَاءُ لَدْنَةٌ
(2)، وَالْمُنقَلَبُ(3) فَسِيحٌ، وَالْـمَجَالُ عَرِيضٌ، قَبْلَ إِرْهَاقِ(4) الْفَوْتِ(5)، وَحُلُولِ الْمَوْتِ، فَحَقّقُوا عَلَيْكُمْ نُزُولَهُ، وَلاَ تَنْتَظِرُوا قُدُومَهُ.

____________
     1. تَحْفِزه: أي تدفعه.
     2. اللَدْن ـ بالفتح ـ : اللين.
     3. المُنْقَلَب ـ بفتح اللام ـ : مكان الانقلاب من الضلال إلى الهدى في هذه الحياة.
     4. أرهقه الشيء: أعجله فلم يتمكن من فعله.
     5. الفَوْت: ذهاب الفرصة بحلول الاجل.
  




المصدر:
نهج البلاغة