قال الصادق ع‏ اليقين يوصل العبد إلى كل حال سني و مقام عجيب كذلك أخبر رسول الله ص عن عظم شأن اليقين حين ذكر عنده أن عيسى ع كان يمشي على الماء فقال ص لو زاد يقينه لمشى على الهواء فدل بهذا على أن الأنبياء مع جلالة محلهم من الله كانت تتفاضل على حقيقة اليقين لا غير و لا نهاية بزيادة اليقين على الأبد و المؤمنون أيضا متفاوتون في قوة اليقين و ضعفه فمن قوي منهم يقينه فعلامته التبري من الحول و القوة إلا بالله- و الاستقامة على أمر الله و عبادته ظاهرا و باطنا قد استوت عنده حالتا العدم و الوجود و الزيادة و النقصان و المدح و الذم و العز و الذل لأنه يرى كلها من عين واحدة و من ضعف يقينه تعلق بالأسباب و رخص لنفسه بذلك و اتبع العادات و أقاويل الناس بغير حقيقة و السعي في أمر الدنيا و جمعها و إمساكها مقرا باللسان أنه لا مانع و لا معطي إلا الله و أن العبد لا يصيب إلا ما رزق و قسم له و الجهد لا يزيد في الرزق و ينكر ذلك بفعله و قلبه قال الله تعالى‏ يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم و الله أعلم بما يكتمون‏ و إنما عطف الله تعالى لعباده حيث أذن لهم في الكسب و الحركات في باب العيش ما لم يتعد [يتعدوا] حدود الله و لم يتركوا فرائضه و سنن نبيه في جميع حركاتهم و لا يعدلوا عن محجة التوكل و لا يقفوا في ميدان الحرص فأما إذا نسوا ذلك و ارتبطوا بخلاف ما حد لهم كانوا من الهالكين الذين‏ ليس معهم في الحاصل إلا الدعاوي الكاذبة و كل مكتسب لا يكون متوكلا فلا يستجلب من كسبه إلى نفسه إلا حراما و شبهة و علامته أن يؤثر ما يحصل من كسبه و يجوع و ينفق في سبيل الدنيا و لا يمسك و المأذون بالكسب من كان بنفسه مكتسبا و بقلبه متوكلا و إن كثر المال عنده قام فيه كالأمين بأن يكون ذلك المال و فوته سواء و إن أمسك أمسك لله و إن أنفق أنفق فيما أمره الله عز و جل و يكون منعه و إعطاؤه في الله تعالى‏


المصدر:
كتاب مصباح الشريعة