قال الصادق ع‏ التوكل كأس مختوم بختام الله عز و جل فلا يشرب بها و لا يفض ختامها إلا المتوكلون كما قال تعالى‏ و على الله فليتوكل المتوكلون‏ و قال تعالى‏ و على الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين‏ جعل الله التوكل مفتاح الإيمان و الإيمان قفل التوكل و حقيقة التوكل الإيثار و أصل الإيثار تقديم الشي‏ء بحقه و لا ينفك المتوكل في توكله من إثبات أحد الإيثارين فإن آثر المعلول و هو الكون حجب به و إن آثر المعلل علة التوكل و هو الباري سبحانه و تعالى بقي معه فإن أردت أن‏ تكون متوكلا لا متعللا فكبر على روحك خمس تكبيرات و ودع أمانيك كلها توديع الموت للحياة و ليس أدنى حد التوكل إلا تسابق مقدومك بالهمة و لا تطالع مقسومك و لا تستشرف معدومك فتنتقض بأحدها عقد إيمانك و أنت لا تشعر و إن عزمت أن تقف على بعض شعار المتوكلين في توكله من إثبات أحد الإيثارين حقا فاعتصم بعروة هذه الحكاية و هي أنه روي أن بعض المتوكلين قدم على بعض الأئمة ع فقال له اعطف علي بجواب مسألة في التوكل و الإمام ع كان يعرف الرجل بحسن التوكل و نفيس الورع و أشرف على صدقه فيما سأل عنه من قبل إبدائه إياه فقال له قف مكانك و أنظرني ساعة فبينما هو مطرق لجوابه إذا اجتاز بهما فقير فأدخل الإمام ع يده في جيبه و أخرج شيئا فناوله الفقير ثم أقبل على السائل فقال له هات و سل عما بدا لك فقال السائل أيها الإمام كنت أعرفك قادرا متمكنا من جواب مسألتي‏ قبل أن تستنظرني فما شأنك في إبطائك عني فقال الإمام ع لتعتبر المعنى قبل كلامي إذا لم أكن أراني ساهيا بسري و ربي مطلع عليه أن أتكلم بعلم التوكل و في جيبي دانق ثم لم يحل لي ذلك إلا بعد إيثاره فافهم فشهق السائل شهقة و حلف ألا يأوي عمرانا و لا يأنس ببشر ما عاش‏


المصدر:
كتاب مصباح الشريعة