قال الصادق ع‏ أحسن الموعظة ما لا يجاوز القول حد الصدق و الفعل حد الإخلاص فإن مثل الواعظ و المتعظ كاليقظان و الراقد فمن استيقظ عن رقدة غفلته و مخالفاته و معاصيه صلح أن يوقظ غيره من ذلك الرقاد و أما السائر في مفاوز الاعتداء و الخائض في مراتع الغي و ترك الحياء باستحباب السمعة و الرياء و الشهرة و التضيع إلى الخلق المتزيي بزي الصالحين المظهر بكلامه عمارة باطنه و هو في الحقيقة خال عنها قد غمرتها وحشته حب المحمدة و غشيتها ظلمة الطمع فما أفتنه بهواه و أضل الناس بمقاله‏ قال الله عز و جل‏ لبئس المولى‏ و لبئس العشير و أما من عصمه الله بنور التأييد و حسن التوفيق فطهر قلبه من الدنس فلا يفارق المعرفة و التقى فيستمع الكلام من الأصل و يترك قائله كيفما كان قالت الحكماء خذ الحكمة و لو من أفواه المجانين قال عيسى ابن مريم ع جالسوا من يذكركم الله رؤيته و لقاؤه فضلا عن الكلام و لا تجالسوا من توافقه ظواهركم و تخالفه بواطنكم فإن ذلك المدعي بما ليس له إن كنتم صادقين فاستقادتكم [في استقادتكم‏] فإذا لقيت من [فيه‏] ثلاث خصال فاغتنم رؤيته و لقاءه و مجالسته و لو كان ساعة فإن ذلك يؤثر في دينك و قلبك و عبادتك بركاته فمن كان كلامه لا يجاوز فعله و فعله لا يجاوز صدقه و صدقه لا ينازع ربه فجالسه بالحرمة و انتظر الرحمة و البركة و احذر لزوم الحجة عليك و راع وقته كيلا تلومه فتخسر و انظر إليه بعين فضل الله عليه و تخصيصه له و كرامته إياه‏


المصدر:
كتاب مصباح الشريعة