ينبغي أن يصلي في المساجد المعظمة ان تمكن من ذلك، و يبتدئ منها بمسجد قباء، و هو الذي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَنْ أَتَى قُبَاءَ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ رَجَعَ بِعُمْرَةٍ.
فَإِذَا دَخَلَهُ صَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، فَإذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ وَ سَبَّحَ وَ قَالَ:
السَّلَامُ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَ أَصْفِيَائِهِ، السَّلَامُ عَلَى أَنْصَارِ اللَّهِ وَ خُلَفَائِهِ، السَّلَامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى مَعَادِنِ حِكْمَةِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الْمُكْرَمِينَ الَّذِينَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ، السَّلَامُ عَلَى مَظَاهِرِ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ، السَّلَامُ عَلَى الْأَدِلَّاءِ عَلَى اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى الْمُسْتَقِرِّينَ فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى الْمُمَحَّصِينَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ.
السَّلَامُ عَلَى الَّذِينَ مَنْ وَالاهُمْ فَقَدْ وَالَى اللَّهَ، وَ مَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَى اللَّهَ، وَ مَنْ عَرَفَهُمْ فَقَدْ عَرَفَ اللَّهَ، وَ مَنْ جَهِلَهُمْ فَقَدْ جَهِلَ اللَّهَ، وَ مَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ، وَ مَنْ تَخَلَّى مِنْهُمْ فَقَدْ تَخَلَّى مِنَ اللَّهِ.
أُشْهِدُ اللَّهَ أَنِّي حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ، مُؤْمِنٌ بِمَا آمَنْتُمْ بِهِ، كَافِرٌ بِمَا كَفَرْتُمْ بِهِ، مُحَقِّقٌ لِمَا حَقَّقْتُمْ، مُبْطِلٌ لِمَا أَبْطَلْتُمْ، مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَ عَلَانِيَتِكُمْ، مُفَوِّضٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَيْكُمْ، لَعَنَ اللَّهُ عَدُوَّكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ، ضَاعَفَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ.
وَ تَدْعُو فَتَقُولُ:
يَا كَائِناً قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَ يَا كَائِناً بَعْدَ هَلَاكِ كُلِّ شَيْءٍ، لَا يَسْتَتِرُ عَنْهُ شَيْءٌ وَ لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، كَيْفَ تَهْتَدِي بِهِ الْقُلُوبُ لِصِفَتِكَ، أَوْ تَبْلُغُ الْعُقُولُ نَعْتَكَ، وَ قَدْ كُنْتَ قَبْلَ الْوَاصِفِينَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ لَمْ تَرَكَ الْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْأَبْصَارِ فَتَكُونَ بِالْعِيَانِ مَوْصُوفاً، وَ لَمْ تَحُطْ بِكَ الْأَوْهَامُ فَتُوجَدَ مُتَكَيِّفاً مَحْدُوداً.
حَارَتِ الْأَبْصَارُ دُونَكَ، وَ كَلَّتِ الْأَلْسُنُ عَنْكَ، وَ عَجَزَتِ الْأَوْهَامُ عَنِ الْإِحَاطَةِ بِكَ، وَ غَرِقَتِ الْأَذْهَانُ فِي نَعْتِ قُدْرَتِكَ، وَ امْتَنَعَتْ عَنِ الْأَبْصَارِ رُؤْيَتُكَ، وَ تَعَالَتْ عَنِ التَّوْحِيدِ أَزَلِيَّتُكَ، وَ صَارَ كُلُّ شَيْءٍ خَلَقْتَهُ حُجَّةً لَكَ وَ مُنْتَسِباً إِلَى فِعْلِكَ، وَ صَادِراً عَنْ صُنْعِكَ، فَمِنْ بَيْنِ مُبْتَدِعٍ يَدُلُّ عَلَى إِبْدَاعِكَ، وَ مُصَوِّرٍ يَشْهَدُ بِتَصْوِيرِكَ، وَ مُقَدِّرٍ يُنْبِئُ عَنْ تَقْدِيرِكَ، وَ مُدَبِّرٍ يَنْطِقُ عَنْ تَدْبِيرِكَ، وَ مَصْنُوعٍ يُومِئُ إِلَى تَأْثِيرِكَ.
وَ أَنْتَ لِكُلِّ جِنْسٍ مِنْ مَصْنُوعَاتِكَ وَ مَبْرُورَاتِكَ وَ مَفْطُورَاتِكَ، صَانِعٌ وَ بَارِئٌ وَ فَاطِرٌ، لَمْ تُمَارِسْ فِي خَلْقِكَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ نَصَباً، وَ لَا فِي ابْتِدَاعِكَ أَجْنَاسَ الْمَخْلُوقِينَ تَعَباً، وَ لَا لَكَ حَالٌ سَبَقَ حَالًا فَتَكُونَ أَوَّلًا قَبْلَ أَنْ تَكُونَ آخِراً، وَ تَكُونَ ظَاهِراً قَبْلَ أَنْ تَكُونَ بَاطِناً، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمُكَ، وَ أَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ غَيْبُكَ.
لَسْتَ بِمَحْدُودٍ فَتُدْرِكَكَ الْأَبْصَارُ، وَ لَا بِمُتَنَاهٍ فَتَحْوِيَكَ الْأَقْطَارُ، وَ لَا بِجِسْمٍ فَتَكْفِيَكَ الْأَقْدَارُ، وَ لَا بِمَرْئِيٍّ فَتَحْجُبَكَ الْأَسْتَارُ، وَ لَمْ تُشْبِهْ شَيْئاً فَيَكُونَ لَكَ مِثْلًا، وَ لَا كَانَ مَعَكَ شَيْءٌ فَتَكُونَ لَكَ ضِدّاً.
ابْتَدَأْتَ الْخَلْقَ لَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ مِنْ أَصْلٍ يُضَافُ إِلَيْهِ فِعْلُكَ حَتَّى تَكُونَ لِمِثَالِهِ مُحْتَدِياً، وَ عَلَى قَدْرِ هَيْبَتِهِ مُهَيِّئاً، وَ لَمْ يُحْدَثْ لَكَ إِذَا خَلَقْتَهُ عِلْماً، وَ لَمْ تَسْتَفِدْ بِهِ عَظَمَةً وَ لَا مُلْكاً، وَ لَمْ تُكَوِّنْ سَمَاوَاتِكَ وَ أَرْضَكَ وَ أَجْنَاسَ خَلْقِكَ لِتَشْدِيدِ سُلْطَانِكَ، وَ لَا لِخَوْفٍ مِنْ زَوَالٍ وَ نُقْصَانٍ، وَ لَا اسْتِعَانَةٍ عَلَى ضِدٍّ مُكَاثِرٍ أَوْ نِدٍّ مُشَاوِرٍ، وَ لَا يَؤُودُكَ حِفْظُ مَا خَلَقْتَ وَ لَا تَدْبِيرُ مَا ذَرَأْتَ، وَ لَا مِنْ عَجْزٍ اكْتَفَيْتَ بِمَا بَرَأْتَ، وَ لَا مَسَّكَ لُغُوبٌ فِيمَا فَطَرْتَ وَ بَنَيْتَ، وَ عَلَيْهِ قَدَرْتَ، وَ لَا دَخَلَتْ عَلَيْكَ شُبْهَةٌ فِيمَا أَرَدْتَ.
يَا مَنْ تَعَالَى عَنِ الْحُدُودِ وَ عَنْ أَقَاوِيلِ الْمُشَبِّهَةِ وَ الْغُلَاةِ وَ إِجْبَارِ الْعِبَادِ عَلَى الْمَعَاصِي وَ الِاكْتِسَابَاتِ، وَ يَا مَنْ تَجَلَّى لِعُقُولِ الْمُوَحِّدِينَ بِالشَّوَاهِدِ وَ الدَّلَالاتِ، وَ دَلَّ الْعِبَادَ عَلَى وُجُودِهِ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ الْقَاهِرَاتِ.
أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ الْمُصْطَفَى وَ حَبِيبِكَ الْمُجْتَبَى، نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَ الْهُدَى، وَ يَنْبُوعِ الْحِكْمَةِ وَ النَّدَى، وَ مَعْدِنِ الْخَشْيَةِ وَ التُّقَى، سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَ أَفْضَلِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، وَ عَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَ افْعَلْ بِنَا مَا أَنْتَ أَهْلُهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ..
المصدر:
المزار الكبير