إنّ المتوكّل بعد رصده الدائم للإمام وتفتيشه المستمر والمتكرّر لدار الإمام عليه السلام
أمر باعتقال الإمام عليه السلام
وزجّه في السجن ، فبقي فيه أياماً وجاء لزيارته صقر بن أبي دلف فاستقبله الحاجب وكانت له معرفة به ، كما كان عالماً بتشيّعه ، وبادر الحاجب قائلاً : ما شأنك ؟ وفيم جئت ؟ قال صقر : بخير.
قال الحاجب : لعلّك جئت تسأل عن خبر مولاك ؟ قال صقر : مولاي أمير المؤمنين ( يعني المتوكل ) .
فتبسم الحاجب وقال : اسكت مولاك هو الحق ( يعني الإمام الهادي عليه السلام
) فلا تحتشمني فإنّي على مذهبك .
قال صقر : الحمد لله .
فقال الحاجب : تحب أن تراه ؟ قال صقر : نعم .
فقال الحاجب : اجلس حتى يخرج صاحب البريد .
ولمّا خرج صاحب البريد ، التفت الحاجب إلى غلامه فقال له : خذ بيد الصقر حتى تدخله الحجرة التي فيها العلوي المحبوس ، وخلِّ بينه وبينه .
فأخذه الغلام حتى أدخله الحجرة وأومأ إلى بيت فيه الإمام ، فدخل عليه الصقر ، وكان الإمام جالساً على حصير وبإزائه قبر محفور قد أمر به المتوكل لإرهاب الإمام ، والتفت عليه السلام
قائلاً بحنان ولطف :يا صقر ما أتى بك ؟
قال صقر : جئت لأتعرّف على خبرك .
وأجهش الصقر بالبكاء رحمة بالإمام وخوفاً عليه : فقال عليه السلام
: (
يا صقر لا عليك ، لن يصلوا إلينا بسوء
فهدّأ روعه وحمد الله على ذلك ، ثم سأل الإمام عن بعض المسائل الشرعية فأجاب عنها ، وانصرف مودّعاً للإمام
، ولم يلبث الإمام في السجن إلاّ قليلاً ثمّ أطلق سراحه ) .