كان من الطبيعي في مجتمع تحكمه القوة والغلبة بالسيف أن يطمع المشركون في المسلمين بعد النكسة في اُحد، لكن النبي القائد صلى الله عليه وآله وسلم
كان يقظاً ومدركاً لكل المتغيرات حريصاً على سلامة الرسالة وقوّتها مجتهداً في بناء الدولة والمحافظة عليها، فكان يتحسّس الأخبار ويستطلع النوايا ويسرع في الرّد قبل أن يدرك المشركون أهدافهم فخرجت سرية أبي سلمة ترد غدر بني أسد بالمدينة ونجحت السرية في مهمتها
وتمكن المسلمون أيضاً من رد كيد مشرك كان يعدّ لغزو المدينة.
وقد تمكنت جماعة من المشركين من الغدر بالمسلمين حين قدم جمع من قبيلتي (عضل) و(القارة) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
تطلب من يفقّهها الدين واستجاب نبي الرحمة
صلى الله عليه وآله وسلم
سعياً منه لنشر الرسالة الإسلامية ولكن يد الغدر فتكت بالمسلمين الدعاة عند منطقة (ماء الرجيع). وقبل أن يبلغ خبر مصرعهم إلى النبي
صلى الله عليه وآله وسلم
اقترح أبو براء العامري على النبي
صلى الله عليه وآله وسلم
أن يرسل مبلغين إلى أهل (نجد) يدعون إلى الإسلام بعد أن رفض هو الدخول في الإسلام، فقال النبيّ
صلى الله عليه وآله وسلم
:
إني أخشى عليهم أهل نجد
قال أبو براء: (لا تخف، أنا لهم جار). وقد كان للجوار اعتبار وأهمية تعدل النسب في عرف الجزيرة العربية لذا اطمأنّ النبي
صلى الله عليه وآله وسلم
وأرسل وفداً من الدعاة للتبليغ ولكن الغدر طالهم فعدا عليهم عامر بن الطفيل وقبائل بني سليم في منطقة (بئر معونة) وفتكوا بهم ولم يسلم منهم إلا عمرو بن أمية الذي أطلقوه فعاد إلى النبي
صلى الله عليه وآله وسلم
بالخبر ولكنه في طريقه قتل رجلين ظنّاً منه أنهما من العامريين، ولكن النبي
صلى الله عليه وآله وسلم
حزن لذلك وقال له:
بئس ما صنعت قتلت
ــــــــــــ
رجلين كان لهما مني أمان وجوار، لأدفعنّ ديتهما)
.