إنّ الإمام عليه السلام
وإن كان يعيش تحت رقابة شديدة، إلاّ أن ذلك لم يكن ليمنعه من ممارسة دوره العلمي في الأوساط التي كان يعيش فيها، وبالنسبة لكل من يلتقي معه من الوزراء والفقهاء والقضاة وأمراء الجيش فضلاً عن الخدم وسائر الناس.
لقد كان عليه السلام
ينشر علوم أهل البيت عليهم السلام
على أتم صورة. وإضافة إلى ذلك كان المأمون وغيره يطلبون منه أن يحدّثهم أو يجيب على أسئلتهم. وكان
____________________
ممّا كتبه الإمام الرضا عليه السلام
للمأمون رسالة في محض الإسلام وشرائع الدين، وبيّن لآخرين علل الشرائع كالصلاة والصوم والحج والزكاة والخمس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأسباب تحريم الموبقات والمنكرات، كما كتب رسالة في الطب وأرسلها إلى المأمون فكتبها المأمون بماء الذهب.
وقام الإمام الرضا عليه السلام
بمهمّة تفسير القرآن الكريم، وعلّم الناس الأدعية المأثورة عنه وعن آبائه وأجداده المعصومين، كما بيّن للناس التاريخ الصحيح للأنبياء والمرسلين، وللأمم السابقة، وأرشدهم إلى الصحيح من سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وسيرة الإمام علي عليه السلام
وسيرة أهل البيت عليهم السلام
.
نعم، إنّ الإمام الرضا عليه السلام
بالرغم من ملاحقته بالعيون والتضييق السياسي عليه بشكل غير منظور لعامّة الناس استطاع أن يستغلّ الظرف المهيّأ لنشر العلم والمعبّأ بالألغام ليصون شريعة جدّه سيد المرسلين مما يحيط بها من محاولات المسخ والتحريف ويوظّف الطاقات المتوفرة لديه بشكل مباشر وغير مباشر لتحقيق أهدافه الرسالية التي عيّنتها له الشريعة وبيّنها له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
وآباؤه الطاهرين.
ومن هنا عمد الإمام عليه السلام
إلى بيان حقيقة الخطّ الرسالي الذي يتزعّمه أهل البيت عليهم السلام
وبيان خصائصه ومعالمه التي يتفرّد بها ويتميّز عن خط الخلفاء المتحكمين في رقاب المسلمين، مؤكّداً ضرورة استمرار هذا الخط حتى قيام يوم الدين، ومن هنا كان ينبغي له أن ينظر إلى المستقبل المشرق بعين القائد الحريص على سعادة الأمة ويوجّه إليه عامة المسلمين.
____________________