لقد استبد هارون بالحكم وجعله موروثاً لأولاده الثلاث من بعده، واختار ابنه محمداً بن زبيدة إرضاءً لها على الرغم من اعترافه بعدم أهلية محمد للخلافة، حيث اعترف بذلك قائلاً: وقد قدمت محمداً... وإني لأعلم أنّه منقاد إلى هواه، مبذر لما حوته يداه، يشارك في رأيه الإماء والنساء، ولولا أم جعفر - يعني زبيدة - وميل بني هاشم إليه لقدمت عبد الله عليه(1) .

فاختار ابن زبيدة لهواها فيه، ولم يكترث ممّا سيحل بالمسلمين من كوارث جراء التنافس بين ولديه الذي ذهب ضحيته الآف المسلمين في قتال دموي وإنفاق لأموال المسلمين في ذلك القتال.

ومن مظاهر الاستبداد هو إسناد المناصب الحكومية والعسكرية إلى أقربائه وخواصّه والمتملّقين إليه دون النظر إلى مؤهلاتهم الدينية والخلقية والإدارية.