عاصر الإمام الرضا عليه السلام في مرحلة إمامته حكومة هارون عشر سنين من سنة (183 هـ) إلى سنة (193 هـ )، ولم تختلف سياسة هارون عن سياسة من سبقه من الحكّام، ولا عن سياسته السابقة في مرحلة الإمام الكاظم عليه السلام إلاّ أنه لم يتعرض تعرضاً مباشراً للإمام الرضا عليه السلام ؛ لأن الظروف والأوضاع السياسية لم تساعده على ذلك، فاغتيال الإمام الكاظم عليه السلام مسموماً لا زال يثير هواجسه خوفاً من ردود فعل الحركات المسلّحة المرتبطة بأهل البيت عليهم السلام ، ولذا نجده في بداية استشهاد الإمام عليه السلام أحضر القوّاد والكتّاب والهاشميين والقضاة، ثم كشف عن وجهه، وقال: أترَوْن به أثراً أو ما يدل على اغتيال؟(3) .

____________________

(1) مروج الذهب: 3 / 435.

(2) تاريخ الطبري: 8 / 551.

(3) تاريخ اليعقوبي: 2 / 414.


ولهذا لم يقدم على اتخاذ نفس الأسلوب مع الإمام الرضا عليه السلام ورفض الاستجابة لمن حرّضه على قتله - كما تقدّم - وإضافة إلى ذلك فإن الإمام الرضا عليه السلام اتخذ أسلوباً واعياً في التحرك السياسي، ولم يعط لهارون أيّ مبرّر للتخوف من تحركه، على أنّ أغلب الرسائل التي رفعت إليه لم تتطرق إلى نشاط سياسي ملحوظ للإمام الرضا عليه السلام .

إذن كان حكم هارون أكثر هدوءً وسلاماً مع الإمام الرضا عليه السلام ، وإن كان قد اتّسم بالمظاهر التالية: