لقد استشهد الإمام الكاظم مسموماً سنة (183 هـ )
وبايعاز من هارون الرشيد، وكان هارون يخشى تسرّب خبر السم والاغتيال إلى المجتمع الاسلامي. من هنا خطط لتفادي ذلك، وذلك حين جمع القوّاد والكتّاب والقضاة وبني هاشم، ثم كشف عن وجه الإمام عليه السلام
وقال: أترون أنّ به أثراً ما يدلّ على اغتيال؟ قالوا: لا
.
وأدخل السندي بن شاهك الفقهاء ووجوه أهل بغداد، ليتفحصوا في جثمانه، فنظروا إليه ولا أثر به من جراح أو خنق، وأشهدهم على أنه مات حتف أنفه، فشهدوا على ذلك، وأخرج الجثمان الطاهر ووضعه على الجسر ببغداد ونودي: هذا موسى بن جعفر قد مات فانظروا إليه
.
وبقيت الهواجس محيطة بهارون، حيث كان يحتمل أن تنفجر الأوضاع متمثلة في حركة شعبية واسعة تهدّد سلطانه، لذا اتّخذ اُسلوب التخفيف من محاصرة الإمام الرضا عليه السلام
وأهل بيته لامتصاص النقمة الشعبية وتقليل ردود الأفعال، ولم يتخذ أيّ إجراء متشدّد مع الإمام عليه السلام
، ورفض الاستجابة لمن أراد منه قتله، كما نلاحظ في موقفه من عيسى بن جعفر حيث قال لهارون: اُذكر يمينك التي حلفت بها في آل أبي طالب، فإنّك حلفت إنْ ادّعى أحد بعد موسى الإمامة ضربتَ عنقه صبراً، وهذا عليّ ابنه يدّعي هذا الأمر، ويُقال فيه ما يقال في أبيه، فنظر اليه مغضباً فقال: وما ترى؟! تريد أن
____________________
أقتلهم كلهم؟!
.
وحينما حرّضه خالد بن يحيى البرمكي على قتل الإمام الرضا عليه السلام
قال هارون: يكفينا ما صنعنا بأبيه، تريد أن نقتلهم جميعاً؟!
.
إن موقف هارون هذا كان ناجماً عن رغبته في امتصاص النقمة الشعبية أوّلاً، ولم يلاحظ أيّ نشاط معارض لسلطانه من الإمام الرضا عليه السلام
على الرغم من كثرة الجواسيس والوشايات وشدّة المراقبة له.