ثانياً: التثقيف السياسي
إنّ النشاط السياسي الذي يقوم به أصحاب الإمام عليه السلام في
هذه المرحلة ولما يمتاز به من صعوبات كان يحتاج إلى لون خاص من الوعي ودقة في
الملاحظة وعمق في الإيمان، ممّا دفع بالإمام عليه السلام إلى أن يرعى ويشجع الخواص
ويعمق في نفوسهم روح التديّن ويمنحهم سقفاً خاصاً من المستوى الإيماني ويدفعهم إلى
أفق سياسي يتحرّكون به ضد الخصوم بشكل سليم ويوفّر لهم قوة تمنحهم قدرة المواصلة
وسموّ النفس.
وفي هذا المجال نلاحظ ما يلي:
١ ـ شحّذ الإمام عليه السلام الهمم التي آمنت بالحق موضحاً
أنّ الأمر لا يتعلق بكثرة الأنصار أو قلتها.
فعن سماعة بن مهران قال: قال لي العبد الصالح عليه السلام :(يا
سماعة ، أمنوا على
ــــــــــــ
فرشهم
وأخافوني ، أما والله لقد كانت الدنيا وما فيها إلاّ واحد يعبد الله، ولو كان معه
غيره لأضافه الله عزّ وجلّ إليه حيث يقول: (
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا
وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )
فصبر بذلك ما شاء
الله. ثم إن الله آنسه با إسماعيل وإسحاق، فصاروا ثلاثة أما والله إن المؤمن لقليل،
وإنّ أهل الباطل لكثير أتدري لم ذلك ؟ فقلت: لا أدري جعلت فداك. فقال:صيّروا
أُنساً للمؤمنين يبثّون إليهم ما في صدورهم، فيستريحون إلى ذلك ويسكنون إليه)
.
٢ ـ لقد سعى الإمام عليه السلام لتربية شيعته على أساس تقوية
أواصر الإخوة والمحبة الإيمانية بحيث تصبح الجماعة الصالحة قوة اجتماعية متماسكة لا
يمكن زعزعتها أو تضعيفها لقوة الترابط العقائدي والروحي فيما بينها. لنقرأ النص
التالي معاً:
سأل الإمام موسى عليه السلام يوماً أحد أصحابه قائلا له: (يا
عاصم كيف أنتم في التواصل والتبارّ ؟ فقال: على أفضل ما كان عليه أحد. فقال
عليه السلام :أيأتي أحدكم عند الضيقة منزل أخيه فلا يجده ،
فيأمر بإخراج كيسه فيخرج فيفضّ ختمه فيأخذ من ذلك حاجته، فلا ينكر عليه؟!
قال: لا، قال:لستم على ما أحب من التواصل والضيقة والفقر
) .
ــــــــــــ