وبعد أن تولّى أبو العباس السفّاح الحكم وصار أوّل حاكم عبّاسي قام بتعيين الولاة في البلاد الإسلامية ، فعيّن عمّه داود بن علي بن العباس والياً على يثرب ومكة واليمن وقد خطب داود أوّل تولّيه المنصب خطاباً في أهالي المدينة وتضمّن خطابه التهديد والوعيد بالقتل والتشريد قائلاً : أيّها الناس أغرّكم الإمهال حتى حسبتموه الإهمال ، هيهات منكم ، وكيف بكم ؟ والسوط في كفّي والسيف مشهر .
حتى يبيد قبيلة فقبيلة
|
|
ويعض كل مثقّف بالهامِ
|
ويقمن ربات الخدور حواسراً
|
|
يمسحن عرض ذوائب الأيتامِ
|
وكان تعيين داود بن علي عم السفّاح والياً على المدينة له الأثر السلبي على حركة الإمام الصادق عليه السلام
فقد بادر هذا الأحمق بمواجهة الإمام عن طريق اعتقال مولى الإمام ( المعلّى بن خنيس ) والتحقيق معه لغرض انتزاع أسماء الشيعة وقد امتنع هذا المخلص وصمّم على الشهادة ولم يذكر أي اسم حتى استشهد .
عن أبي بصير قال : فلمّا ولي داود المدينة ، دعا المعلّى وسأله عن شيعة أبي عبد الله عليه السلام
فكتمه ، فقال اتكتمني !؟ أما إنّك إن كتمتني قتلتك .
فقال المعلى : أبالقتل تهدّدني ؟! والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي عنهم ، وإن أنت قتلتني لتسعدني ولتشقين ، فلمّا أراد قتله ، قال المعلّى أخرجني إلى الناس ، فإنّ لي أشياء كثيرة ، حتى أشهد بذلك .
ـــــــــــــــــ
فأخرجه إلى السوق ، فلمّا اجتمع الناس ، قال : أيّها الناس ، اشهدوا أنّ ما تركت من مال عين ، أو دين ، أو أمة ، أو عبد ، أو دار ، أو قليل أو كثير ، فهو لجعفر بن محمد عليه السلام
. فقُتل
.
لقد تألّم الإمام الصادق عليه السلام
كثيراً لمقتل المُعلّى بن خنيس ، ولمّا التقى الإمام عليه السلام
بداود بن علي بن العباس قال له :قتلت قيّمي في مالي وعيالي ، ثم قال لأدعونّ الله عليك
قال داود : اصنع ما شئت .
فلما جنّ الليل قال عليه السلام
:( اللّهم ارمه بسهم من سهامك فأفلق به قلبه )
فأصبح وقد مات داود والناس يهنّئونه بموته
.
لقد أدرك الإمام الصادق عليه السلام
أنّ الظرف ينبئ بالخطر ، وأنّ الحاضر يحمل في داخله كثيراً من التعقيدات والمشاكل التي سوف يلقاها عن قريب ، لكن الوقت لازال فيه متسع من النشاط والتحرّك ويمكن للإمام عليه السلام
أن يثبت ما بقي من منهجه ويرسّخه في ذهن الأمة ويمدّها بالآفاق الرسالية التي تحصنها في المستقبل ; لأنّ العباسيين الآن مشغولون بملاحقة الأمويين ؛ لذا نجده عليه السلام
لم يصطدم مع داود بن علي بسبب قتله للمعلّى بالطرق المتوقّعة ولم يعلنها ثورة ، كما لم ينسحب للمنطق الذي أبداه داود في تصعيده الموقف مع الإمام ، والذي كان يستهدف جهد الإمام وحركته ، بل قابله بمنطق أقوى يعجز من مثل داود أن يواجهه به .
إنّ لجوء الإمام عليه السلام
إلى الدعاء سوف يدرك العباسيون من خلاله أنّ الإمام لا يريد المواجهة العسكرية ، لكن مثل هذه الأعمال لا تثنيه عن
ـــــــــــــــــ
مواصلة نشاطه ومن فوائد دعاء الإمام أنّه كان يستبطن إيحاءاً لهم بأنّ الإمام عليه السلام
لا يمتلك تلك القوّة التي تمكّنه من أن يقوم بعمل عسكري ـ مثلاً ـ يهدّد به كيانهم ، وهذا التصوّر الناشئ من هذا الموقف يُطمئن العباسيين ويتيح للإمام عليه السلام
فرصاً جديدة من النشاط .
ثم نجد الإمام عليه السلام
بعد أن أنهى مشكلة المعلّى بن خنيس بالطريقة التي مرّت وتفادى المواجهة ، يسافر إلى الكوفة التي يكثر فيها أنصاره وشيعته ولعلم الإمام بأنّ السفّاح ليس بمقدوره مواجهة الإمام في الوقت الحاضر ، وليس من صالح سياسته المستفيدة من اسم الإمام عليه السلام
هذه المواجهة ، بل نجد السفّاح لا يفكّر حتى في مواجهة بني الحسن الذين وصلته عنهم معلومات تفيد أنّهم يخطّطون للثورة .
وبعد أن وصل الإمام إلى الكوفة قام ببعض النشاطات ، منها :
أنّ الإمام عليه السلام
أوضح لخواصّ الشيعة بأنّ الحكومة الجديدة لم تختلف عن سابقتها ، لأنّ البعض من الشيعة كان قد التبس عليه الأمر وظنّ أنّ العلاقة بين الإمام وبني العباس طيّبة ؛ لذا طلب بعض الخواصّ من الإمام أن يتوسّط له ليكون موظّفاً في حكومة بني العباس .
ولمّا امتنع الإمام عن إجابته ظنّ بأنّ الإمام منعه مخافة أن توقعه الوظيفة في الظلم ؛ لذا قال : فانصرفت إلى منزلي ، ففكّرت فقلت : ما أحسبه منعني إلاّ مخافة أن أظلم أو أجور ، والله لآتينّه ولأعطينّه الطلاق والعتاق والأيمان المغلّظة أن لا أظلم أحداً ولا أجور ولأعدلنّ .
قال : فأتيته فقلت : جُعلت فداك إنّي فكّرت في إبائك ( امتناعك ) عليَّ فظننت أنّك إنّما منعتني وكرهت ذلك مخافة أن أجور أو أظلم وإنّ كلّ امرأة لي طالق ، وكل مملوك لي حُرّ عليَّ وعليَّ إن ظلمت أحداً أو جرت عليه ، وإن
لم أعدل .
فقال :كيف قلت ؟
قال : فأعدت عليه الأيمان ، فرفع رأسه إلى السماء فقال :( تناول السماء أيسر عليك من ذلك !! )
.
ثم نجد الإمام الصادق عليه السلام
يؤكّد بأنّ لقب ( أمير المؤمنين ) خاصّ بالإمام علي عليه السلام
ولا يجوز إطلاقه على غيره حتى من ولده الأئمة عليهم السلام
فكيف بمَن هو ظالم لهم .
جاء في كتاب مناقب آل أبي طالب : لم يجوّز أصحابنا أن يطلق هذا اللفظ لغيره ( أي لغير الإمام علي ) من الأئمة عليهم السلام
) .
وقال رجل للصادق عليه السلام
: يا أمير المؤمنين قال :( مَه ، فإنّه لا يرضى بهذهِ التسمية أحد إلاّ ابتُلي ببلاء أبي جهل )
.
ثم نجد للإمام توصيات كثيرة تحرّم التعاون مع الظلمة والتحاكم إليهم لكن لا يمكن تحديد زمنها .
لقد كان موقف الإمام من الحكومتين واحداً قال عليه السلام
:( لا تعنهم
ـ أي حكّام الجور ـعلى بناء مسجد )
.
وكان يقول لبعض أصحابه :( يا عذافر ! نبّئت أنّك تعامل أبا أيوب والربيع ، فما حالك إذا نودي بك في أعوان الظلمة ؟! )
.
وكان حضور الإمام الصادق عليه السلام
في الحيرة ـ المدينة القريبة من الكوفة ـ قد لفت أنظار الأمة جميعاً واتجهت الناس حوله لتنهل من علومه وتستفيد
ـــــــــــــــــ
من توصياته وتوجيهاته حتى قال محمد بن معروف الهلالي : مضيت إلى الحيرة إلى جعفر بن محمد فما كان لي من حيلة من كثرة الناس فلمّا كان اليوم الرابع رآني ، فأدناني
.
وهذا الحشد الجماهيري الكبير الذي يؤمن بأهليّة الإمام وأعلميّته والتفافه المستمر حول الإمام قد دفع بالحكومة العباسية إلى أن تحدّ من هذه الظاهرة لكنّ الإمام عليه السلام
وانطلاقاً من محافظته على مسيرة الأمة ودفاعاً عن الإسلام ؛ نجده قد مارس مع السفّاح أسلوباً مرناً فعن حذيفة بن منصور قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام
بالحيرة ، فأتاه رسول أبي العباس السفّاح الخليفة يدعوه فدعى بممطر أحد وجهيه أسود والآخر أبيض ، فلبسه ، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام
:( أما إنّي ألبسه ، وأنا أعلم أنّه لباس أهل النار )
.
وجاء عن رجل قال : قال أبو عبد الله عليه السلام
:( دخلت على أبي العبّاس بالحيرة فقال : يا أبا عبد الله ما تقول في الصيّام اليوم ؟ فقلت : ذاك إلى الإمام إن صمت صمنا وإن أفطرت أفطرنا فقال : يا غلام عليَّ بالمائدة فأكلت معه وأنا أعلم والله إنّه من شهر رمضان فكان إفطاري يوماً وقضاؤه أيسر عليَّ من أن يضرب عنقي ولا يُعبد الله )
.
ومن جانب آخر قد انتقد الإمام القتل الجماعي للأمويين ، وطلب من السفّاح الكفّ عن قتلهم بعدما أخذ الملك من أيديهم ودهش السفّاح وتعجّب من موقف الإمام تجاه ألدّ أعدائه الذين صبّوا على أهل البيت عليهم السلام
ألوان الظلم ؛ لأنّ الإمام لا ينطلق من العصبية الجاهلية وروح التشفّي
.
ـــــــــــــــــ
وانعكست إجراءات العباسيين للحدّ من ظاهرة الالتفاف حول الإمام والاستفادة من علومه ، فقد روى هارون بن خارجة ، فقال : كان رجل من أصحابنا طلّق امرأته ثلاثاً فسأل أصحابنا ، فقالوا : ليس بشيء ، فقالت امرأته لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله عليه السلام
وكان في الحيرة إذ ذلك أيام أبي العباس السفّاح قال : فذهبت إلى الحيرة ولم أقدر على كلامه ؛ إذ منع الخليفة الناس من الدخول على أبي عبد الله وأنا أنظر كيف ألتمس لقاءه فإذا سواديّ
عليه جبّة صوف يبيع خياراً ، فقلت له : بكم خيارك هذا كلّه ؟ قال بدرهم ، فأعطيته درهماً ، وقلت له أعطيني جبّتك هذه ، فأخذتها ولبستها وناديت : مَنْ يشتري خياراً ؟ ودنوت منه ! فإذا غلام من ناحية ينادي يا صاحب الخيار ! فقال لي لمّا دنوت منه : ما أجود ما احتلت إلى حاجتك ؟
قلت : إني ابتليت : فطلّقت أهلي في دفعة ثلاثاً ، فسألت أصحابنا فقالوا : ليس بشيء ، وإنّ المرأة قالت : لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله عليه السلام
فقال :( ارجع إلى أهلك فليس عليك شيء )
.
لقد لاحظ الإمام الصادق عليه السلام
الدهاء العبّاسي وقدراته السياسية التي حقّق بها نصراً حاسماً على خصومه الأمويين ، وعلم بأنّ المعركة سوف تنتقل إليه وإلى أصحابه باعتبارهم الثقل الأكبر والخطر الداخلي الحقيقي الذي يخشاه العبّاسيون ، كما لاحظ عليه السلام
أنّ القاعدة الشعبية الكبيرة التي تؤيّده سوف تكون سبباً لانهيار حركته إذا لم تزوّد بتعاليم جديدة خصوصاً للجماعة الصالحة ؛ لأنّ سعة دائرة الأنصار تسمح بدخول الأدعياء والمنتفعين الذين يحسبون للظرف السياسي ومستقبله .
ـــــــــــــــــ
وقد صنّف الإمام عليه السلام
جمهوره قائلاً :( افترق الناس فينا على ثلاث فرق ، فرقة أحبّونا انتظار قائمنا ليصيبوا دنيانا )
، وهذا هو الانتماء السياسي ـ وليس هو الانتماء القلبي ـ للتشيّع والذي يطمع أصحابه للمواقع السياسية فيه مستقبلاً ، أمّا نشاط هؤلاء فيقول عنه الإمام :( فقالوا وحفظوا كلامنا وقصّروا عن فعلنا فسيحشرهم الله إلى النار )
.
ويشير الإمام عليه السلام
إلى الفرقة الثانية التي تؤيّد حركة الإمام وتحبّه لكنّها تستهدف المنافع الدنيوية من هذا التأييد .
قال عليه السلام
:( أحبّونا واسمعوا كلامنا ولم يقصّروا عن فعلنا )
هذه هي حركتهم ونشاطهم ، أمّا هدفهم فيقول الإمام عليه السلام
:ليستأكلوا الناس بنا فيملأ الله بطونهم ناراً ويسلّط عليهم الجوع والعطش
.
وأخيراً يشير الإمام إلى الفرقة المخلصة قائلاً :( وفرفة أحبّونا وحفظوا قولنا ، وأطاعوا أمرنا ، لم يخالفوا فعلنا فأولئك منا ونحن منهم )
.
فالمستقبل ينذر بمعركة شرسة تريد استئصال حركة الإمام عليه السلام
من الجذور ، قد بدأها داود بن علي ، ومن علائمها التضييق على الإمام في الحيرة ، فلابدّ للإمام أن ينشط باتجاه تثقيف الشيعة بمبادئ تكون كفيلة بالحفاظ عليهم وتمكّنهم من مواصلة العمل البنّاء والتعايش مع الأمة بسلام ـ كمبدأ التقيّة وكتمان السرّ ـ وتفوّت على الظالمين نواياهم كما أنّ الالتزام بها يحافظ على صحّة المعتقدات والأحكام الشرعية ؛ لذا نجده وهو في معرض تربيته للخواصّ يقول :( رحم الله عبداً سمع بمكنون علمنا فدفنه تحت قدميه والله إنّي لأعلم بشراركم من البيطار
بالدواب ، شراركم الذين لا يقرأون القرآن
ـــــــــــــــــ
إلاّ هجراً
ولا يأتون الصلاة إلاّ دبراً ولا يحفظون ألسنتهم ، إعلم أنّ الحسن بن علي
عليه السلام
لما طعن ، واختلف الناس عليه ، سلّم الأمر لمعاوية فسلّمت عليه الشيعة : عليك السلام يا مذل المؤمنين فقال
عليه السلام
: ما أنا بمذلّ المؤمنين ، ولكنّي معزّ المؤمنين إنّي لما رأيتكم ليس بكم عليهم قوّة ، سلّمت الأمر لأبقى أنا وأنتم بين أظهرهم كما عاب العالم السفينة لتبقى لأصحابها ، وكذلك نفسي وأنتم لنبقي بينهم )
.
فالإمام عليه السلام
يضرب المثل بالإمام الحسن المجتبى عليه السلام
الذي مارس التقية بأسلوب دفاعي مع معاوية لغرض مواصلة العمل ، فلم يصالح الإمام على أساس المبادئ والأحكام بل كان من أجلها ومن أجل إبراز هوية شيعة الإمام والاعتراف بحقوقهم المغصوبة ولتفتح لهم مجالاً واسعاً للتبليغ .
من هنا جاءت مهمّة تثبيت هذه المبادئ وتربية الشيعة عليها ووجوب العمل بها ليس لأنّها مبادئ تخصّ نخبة من الناس وإنّما باعتبارها مبادئ إسلامية عامّة ومشروعة حسب النصوص الثابتة في القرآن والسنّة لكن الظروف السيئة حالت دون إظهارها وأساءت فهمها ؛ لأنّها لا تخدم الحكّام وتعارض سياستهم .
يصف الإمام عليه السلام
دور التقية في الجمع ذاك قائلاً :( اتقوا على دينكم وأحيوه بالتقيّة فإنّه لا إيمان لمَن لا تقيّة له إنّما أنتم من الناس كالنحل في الطير ، ولو أنّ الطير يعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلاّ أكلته ، ولو أنّ الناس علموا ما في أجوافكم أنّكم تحبّونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم ، ولنحلوكم بالسرّ والعلانية ، رحم الله عبداً منكم كان على ولايتنا
.
ـــــــــــــــــ
وبعد أن ثبّت الإمام هذا المبدأ بوصايا وتوجيهات متعدّدة ، أتبعه بنشاطات تربوية مخافة أن يساء فهمه أثناء التطبيق ، فحذّر عليه السلام
من أن تكون التقيّة في مورد من موارد تطبيقها سبباً إلى التهاون والضعف والجبن والاستسلام وخذلان المؤمنين وتضييع الشريعة وأحكامها ، قال عليه السلام
:( لم تبق الأرض إلاّ وفيها منّا عالم ، فإذا بلغت التقيّة الدم فلا تقيّة وأيم الله لو دعيتم لتنصرونا قلتم لا نفعل إنّما نتّقي !! ولكانت التقيّة أحبّ إليكم من آبائكم وأمهاتكم ، ولو قد قام القائم ما احتاج إلى مسألتكم عن ذلك ، ولأقام في كثير منكم من أهل النفاق حدّ الله )
.
ومن وسائله التربوية لترشيد هذا المبدأ الحسّاس في مجال العلاقات بين المؤمنين حذراً من أن تؤدّي التقيّة إلى التفكيك بينهم ، نقرأ رواية إسحاق بن عمّار الصيرفي ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام
وكنت تركت التسليم على أصحابنا في مسجد الكوفة وذلك لتقيّة علينا فيها شديدة ، فقال لي أبو عبد الله :( يا إسحاق متى أحدثت هذا الجفاء لإخوانك ! تمرُّ بهم فلا تسلّم عليهم ؟! )
فقلت له : ذلك لتقيّة كنت فيها .
فقال :( ليس عليك في التقيّة ترك السلام ، وإنّما عليك في التقيّة الإذاعة إنّ المؤمن ليمرُّ بالمؤمنين فيسلّم عليهم فتردّ الملائكة : سلام عليك ورحمة الله وبركاته )
.
كما أكّد الإمام الصادق عليه السلام
على ضرورة كتمان السرّ وجعله مرتبطاً بالإيمان والعقيدة وذمّ إفشاء السرّ وإذاعته بين الناس حتى قال عليه السلام
:( إنّ المذيع ليس كقاتلنا بسيفه بل هو أعظم وزراً ، بل هو أعظم وزراً ، بل هو أعظم وزراً )
كما أثنى على الذي يكتم السر بقوله عليه السلام
( رحم الله قوماً كانوا سراجاً ومناراً ، كانوا
ـــــــــــــــــ
دعاة إلينا بأعمالهم ، ومجهود طاقتهم ، ليس كمَن يذيع أسرارنا )
.
وشدّد الإمام على أهميّة الكتمان وبيّن أبعاده وعلاقته برسالة الإمام ودوره في نجاحها بعكس الإفشاء وإذاعة الأسرار التي سبّبت عرقلة المسيرة وإضاعة فرص النجاح وتأخير النصر قائلاً لابن النعمان :( إنّ العالم لا يقدر أن يخبرك بكل ما يعلم ; لأنّه سرّ الله الذي أسرّه جبرئيل
عليه السلام
وأسرّه جبرئيل
عليه السلام
إلى محمد
صلى الله عليه وآله وسلم
وأسرّه محمد إلى علي وأسرّه علي إلى الحسن وأسرّه الحسن إلى الحسين وأسرّه الحسين إلى علي وأسرّه علي إلى محمد وأسرّه محمد إلى مَن أسرّه ، فلا تعجلوا فو الله لقد قرب هذا الأمر
ـ ثلاث مرات ـفأذعتموه ، فأخّره الله ، والله مالكم سرّ إلاّ وعدوّكم أعلم به منكم )
.