وكان الهدف من عقد هذا الاجتماع الصوري بالإضافة إلى الهدف الذي ذكر أعلاه تهيئة الأجواء الودية وإشاعة روح المحبّة والوئام بينهم وبين العلويين وتطميناً لخواطرهم ، وعلى أقل تقدير جعلهم محايدين في هذا الصراع ، ليتمّ لهم ما يهدفون إليه ويحشدوا ما استطاعوا من قوّة لصالحهم .
من هنا اجتمعوا في منطقة الأبواء ـ التي تقع بين مكة والمدينة ـ ودعوا كبار العلويين والعباسيين ، فحضر كل من : إبراهيم الإمام والسفاح والمنصور وصالح ابن علي وعبد الله بن الحسن وابناه محمد ذي النفس الزكية وإبراهيم وغيرهم .
وقام صالح بن علي خطيباً فقال : قد علمتم أنّكم الذين تمدّ الناس أعينهم إليهم ، وقد جمعكم الله في هذا الموضع ، فاعقدوا بيعة لرجل منكم تعطونه إيّاها من أنفسكم وتواثقوا على ذلك حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين .
ثم قام عبد الله بن الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : قد علمتم أنّ ابني هذا هو المهدي فهلمّوا لنبايعه .
فقال أبو جعفر المنصور : لأي شيء تخدعون أنفسكم ؟ والله لقد علمتم ما الناس إلى أحد أصور
أعناقاً ، ولا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى ـ يريد به محمد بن عبد الله ـ قالوا قد ـ والله ـ صدقت إن هذا لهو الذي نعلم فبايعوا جميعاً محمّداً ، ومسح على يده كل من : إبراهيم الإمام والسفّاح والمنصور وكل مَن حضر الاجتماع
.
وبعد أن أنهى مؤتمرهم أعماله بتعيين محمد بن عبد الله بن الحسن خليفة للمسلمين ، أرسلوا إلى الإمام الصادق عليه السلام
فجاء الإمام وقال : (لماذا اجتمعتم ؟
قالوا : أن نبايع محمد بن عبد الله ، فهو المهدي ) .
قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام
:لا تفعلوا فإنّ الأمر لم يأت بعد ، وهو ليس بالمهديّ
، فقال عبد الله ـ ردّاً على الإمام عليه السلام
ـ : يحملك على هذا الحسد لابني ! فأجابه الإمام عليه السلام
:والله لا يحملني ذلك ولكن هذا وإخوته وأبناءهم دونكم
وضرب بيده على ظهر أبي العباس ، ثم قال لعبد الله :ما هي إليك ولا إلى ابنيك ، ولكنّها لبني العباس ، وإنّ ابنيك لمقتولان
، ثم نهض عليه السلام
وقال :إنّ صاحب الرداء الأصفر
ـ يقصد بذلك أبا جعفر ـيقتله
.
ـــــــــــــــــ
قال عبد العزيز : والله ما خرجت من الدنيا حتى رأيته قتله وانفضّ القوم ، فقال أبو جعفر المنصور للإمام جعفر الصادق عليه السلام
: تتمّ الخلافة لي ؟ فقال :نعم أقوله حقّاً
)
.