في هذا الجو المشحون بتزاحم الإرادات وحدوث تمرّد على الحكومة هنا وهناك ، خصوصاً بعد ثورة زيدرحمهالله
والإمام الصادق عليه السلام
مشغول بترتيب أوضاعه الرساليّة ، والتهم تثار ضدّ الشيعة تارةً بالخروج على السلطان ، وأخرى بالزندقة وجواز سبّ الخلفاء ، يدخل هشام إلى المدينة ويستقبله بنو العباس بالشكوى على الإمام الصادق عليه السلام
بأنّه أخذ تركات ماهر الخصي دوننا هنا يخطب أبو عبد الله الصادق عليه السلام
فيقول :كان أبوكم طليقنا وعتيقنا وأسلم كارهاً تحت سيوفنا ، لم يهاجر إلى الله ورسوله هجرة قط فقطع الله ولايته منّا بقوله :
(
والَّذين آمنوا ولم
ـــــــــــــــــ
يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء
)
ثم قال :هذا مولى لنا مات فحزنا تراثه ، إذ كان مولانا ، ولأنّا ولد رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
وأُمّنا فاطمة أحرزت ميراثه
.
وبعد موت هشام بن عبد الملك تولّى الخلافة الوليد بن يزيد سنة (١٢٥ هـ) وكان يسمّى بالفاسق ؛ إذ لم يكن في بني أمية أكثر إدماناً للشراب والسماع ولا أشد مجوناً وتهتّكاً واستخفافاً بأمر الأمة منه ، حتَّى أنّه واقع جارية له وهو سكران وجاءه المؤذّنون يؤذنونه بالصلاة فحلف أن لا يصلّي إلاَّ هي ، فلبست ثيابه ، وصلّت بالمسلمين وهي جنب وسكرانة .
وكان قد اصطنع بِركة من الخمر ، فكان إذا طرب ألقَى نفسه فيها وكان يشرب منها حتَّى يبين النقص في أطرافه
.
وممّا كان من فسقه أنّه نكح أمهات أولاد أبيه ، وتفاءل يوماً بالمصحف الكريم فخرجت الآية :(
واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد
)
فمزّق المصحف وأنشأ يقول :
أتوعد كلّ جبارٍ عنيد
|
|
فها أنا ذاك جبّار عنيد
|
إذا ما جئت ربّك يوم حشر
|
|
فقل يا ربّ مزّقني الوليد
|
وقد تمادى في الغيّ حتّى قال له هشام : ويحك والله ما أدري أعلى دين الإسلام أنتَ أم لا ؟!