ولد الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
في مرحلة ازدهار الدولة الأموية حين ابتعد الخلفاء كثيراً عن طريق الحق وترسّخت صيغة الملك المتوارث .
عاصر جدّه اثنتا عشرة سنة في المدينة وعاش مع أبيه بعد جدّه تسع عشرة سنة نهل خلالها جميع العلوم والمعارف من أبيه عليه السلام
وفاق الجميع بسعة إدراكه وشدة ذكائه .
وشارك أباه محنة الصبر على تولّي الظالمين والتعرّض للبلاء كما ساهم مع أبيه في نشر العلوم الإسلامية من خلال حلقات الدرس التي أسّسها لكي لا تضيع الرسالة وتندرس معالم الدين .
وتمكّن من أن يواصل بعد أبيه عليه السلام
خلال مدّة إمامته التي استمرّت أربعاً وثلاثين سنة تربية أجيال عديدة من العلماء والفقهاء الصالحين ممّن ينهج نهج أهل البيت عليهم السلام
.
وكما عاصر الإمام الصادق عليه السلام
مرحلة انحطاط الدولة الأموية وأفولها عاصر كذلك ظهور الدولة العباسية التي تعجّلت في ممارسة الظلم بالنسبة لأهل البيت عليهم السلام
والتعدّي عليهم .
وتمكّن الإمام الصادق عليه السلام
في هذه الفترة من المعترك السياسي المرير أن يحافظ على كيان المذهب الشيعي واستمرار سلامة الجماعة الصالحة وتنميتها ، تلك الجماعة التي عمل على بنائها وتوسعتها آباؤه الطاهرون .
ومن هنا نقسِّم حياته إلى عصرين متميّزين :
عصر ما قبل التصدّي للإمامة ، وقد عاصر فيه كلاًّ من الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز ويزيد بن الوليد وهشام بن عبد الملك .
وعصر ما بعد التصدّي للإمامة .
وينقسم العصر الأول إلى مرحلتين :
المرحلة الأولى :
حياته مع جدّه وأبيه ( من سنة ٨٣ إلى سنة ٩٥ هـ )
المرحلة الثانية :
حياته مع أبيه الباقر عليه السلام
(من سنة ٩٥ إلى سنة ١١٤ هـ ) .
وينقسم العصر الثاني إلى مرحلتين أيضاً :
المرحلة الأولى : مرحلة انهيار الدولة الأموية حتَّى سقوطها ( ١١٤ إلى ١٣٢ هـ ) .
والمرحلة الثانية : مرحلة تأسيس الدولة العباسية حتَّى استشهاده ( سنة ١٤٨ هـ ) .
وعاصر في المرحلة الأولى من مرحلتي العصر الثاني كلاًّ من : هشام بن عبد الملك والوليد بن يزيد ثم يزيد بن الوليد المعروف بالناقص ثم أخيه إبراهيم بن الوليد ثم مروان بن محمد الذي عرف بمروان الحمار ، وهو آخر ملوك بني أمية والذي سقطت في عهده هذه الدولة الظالمة بعد أن عاثت في الأرض فساداً .
كما عاصر في المرحلة الثانية كلاًّ من : السفّاح وأبي جعفر المنصور ، حيث استشهد في حكم المنصور العباسي بعد إجراءات قاسية قام بها هذا الحاكم الذي تربّع على كرسي الخلافة باسم أهل البيت عليهم السلام
.
وسنوافي القارئ الكريم بتفاصيل ما جرى على الإمام عليه السلام
في هذه المرحلة من حياته الشريفة .