تنقسم حياة الإمام زين العابدين عليه السلام
ـ كما تنقسم حياة سائر الأئمة عليهم السلام
ـ إلى مرحلتين متميّزتين:
١ ـ مرحلة ما قبل التصدّي للإمامة والزعامة.
٢ ـ مرحلة التصدّي وممارسة القيادة حتى الشهادة.
لقد عاش الإمام زين العابدين عليه السلام
في المرحلة الأولى من حياته في ظلال جدّه الإمام أمير المؤمنين ، وعمّه الإمام الحسن المجتبى وأبيه الإمام الحسين سيد الشهداء عليهم السلام
مدة تناهز العقدين ونصف العقد، حيث قضى في كنف جدّه الإمام علي عليه السلام
ما يزيد قليلاً عن أربع سنوات، وما لا يقل عن سنتين لو كانت ولادته سنة (٣٨ هـ) .
بينما قضى عقداً آخر من حياته في كنف عمّه وأبيه عليهما السلام
حيث استشهد عمّه الإمام الحسن السبط عليه السلام
سنة ٥٠ هجرية.
كما قضى عقداً ثانياً في ظلّ قيادة أبيه الحسين السبط عليه السلام
وهي الفترة الواقعة بين مطلع سنة (٥٠ هـ) وبداية سنة (٦٠ هـ) .
لقد عاش الإمام زين العابدين عليه السلام
فترة المخاض الصعب خلال المرحلة الأولى من حياته وقضاها مع كل من جدّه وعمّه وأبيه
عليهم السلام
، واستعدّ مراحل حياة الإمام زين العابدين
عليه السلام
) بعدها لتحمّل أعباء الإمامة والقيادة بعد استشهاد أبيه والصفوة من أهل بيته وأصحابه في ملحمة عاشوراء الخالدة التي مهّد لها معاوية بن أبي سفيان وتحمّل وزرها ابنه يزيد المعلن بفسقه والمستأثر بحكم الله في أرض الإسلام المباركة.
وأمّا المرحلة الثانية من حياته الكريمة قد ناهزت ثلاثة عقود ونصف عقد من عمره الشريف، وعاصر خلالها كُلاًّ من حكم يزيد بن معاوية ومعاوية بن يزيد ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان، ثم اغتالته الأيدي الأموية الأثيمة بأمر من الحاكم وليد بن عبد الملك بن مروان واستشهد في (٢٥) من المحرّم أو ما يقرب منه سنة (٩٤) أو (٩٥) هجرية عن عمر يناهز (٥٧) سنة أو دونها قليلاً
فكانت مدّة إمامته وزعامته حوالي (٣٤) سنة.
وفي هذه الدراسة نقسّم المرحلة الثانية من حياة هذا الإمام الحافلة بأنواع الجهاد إلى قسمين متميزين من الكفاح والجهاد :
الأوّل: جهاده بعد ملحمة عاشوراء وقبل استقراره في المدينة .
الثاني: جهاده بعد استقراره في المدينة.
وعلى هذا التقسيم سوف ندرس حياته ضمن مراحل ثلاث:
المرحلة الأولى: حياته قبل استشهاد أبيه عليه السلام
.
المرحلة الثانية: حياته بعد استشهاد أبيه وقبل استقراره في المدينة.
المرحلة الثالثة: حياته بعد استقراره في المدينة.
ــــــــــــــ