وبعد اللقاء الأوّل مع وحي النبوّة أخذت تتدرّج الآيات القرآنية بالنزول، ويبدو أنه بعد أن نزلت عليه الآيات الأولى من سورة المزمل شرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم
يهيّء نفسه للخطوات التالية في طريق نشر الرسالة الإسلامية وبناء المجتمع الإسلامي، وكان عليه أن يعدّ العدّة لمواجهة الصعاب الكثيرة والمشاكل المتوقّعة، وأن يُحكم خطّته وأسلوبه في العمل.
إنّ أوّل ما بدأ به هو دعوة أهل بيته. أمّا خديجة (رضي الله عنها) فكان من الطبيعي أن تصدّق النبي صلى الله عليه وآله وسلم
حيث عاشرته عمراً طويلاً ووجدت فيه منتهى السموّ الأخلاقي والطهر الروحي والتعلق بالسماء.
ولم يتكلّف النبي صلى الله عليه وآله وسلم
جهداً في دعوة ابن عمه وربيبه علي بن أبي طالب عليه السلام
الذي كان يحمل بين جوانحه قلباً طاهراً لم تلوّثه عبادة الأصنام قطّ، فبادر إلى التصديق به فكان أوّل القوم إسلاماً
.
وكان اختيار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
لعلي صائباً وموفّقاً لما كان يملكه عليّ
عليه السلام
من مؤهلات الطاعة والانقياد والقوة والاندفاع في الوقت الذي كان النبيّ
صلى الله عليه وآله وسلم
بأَمسّ
الحاجة إلى الناصر والمؤازر، فكان علي عليه السلام
يمثّل ذراع النبوة في تبليغ الرسالة منذ انطلاقتها والعين الباصرة، ولسان الدعوة الناطق بها.
ــــــــــــ
فأوّل من آمن علي عليه السلام
حيث كان يرافق النبيّ
صلى الله عليه وآله وسلم
في خلواته في حراء ثمّ خديجة وهما أوّل من صلّى مع رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
بعد أن كانا يوحّدان الله كالنبي
صلى الله عليه وآله وسلم
متحدّين قوى الشرك والضلالة.
ثم التحق بهم زيد بن حارثة فكانوا هم المجموعة الخيّرة والنواة الأولى التي انفلق منها المجتمع الإسلامي .