كان للكعبة منزلة كبيرة لدى العرب إذ كانت تعتني بها وتحج إليها في الجاهلية. وقبل البعثة النبوية بخمسة أعوام هدم السيل الكعبة فاجتمعت قريش وقررت بناءها وتوسعتها وباشر أشراف القريشيين والمكيين العمل، ولما تكامل البناء وبلغوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا في مَن يضعه في مكانه; فكل قبيلة كانت تريد أن تختص بشرف ذلك واستعدوا للقتال وانضم كل حليف إلى حليفه وتركوا العمل في بنائها ثم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا واتفقوا على ان يكون أول داخل على الاجتماع هو الحكم بينهم وتعاهدوا على الالتزام بحكمه فكان أول داخل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم
فقالوا: هذا الأمين قد رضينا به، وأقدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم
على حلّ النزاع حين جعل الحجر في ثوب وقال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثمّ قال: ارفعوا جميعاً ففعلوا فلما حاذوا موضعه أخذه بيده الشريفة ووضعه حيث يجب أن يكون، وبعد ذلك أتمّوا بناءها
.
وروى بعض المؤرخين: أنهم كانوا يتحاكمون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم
في الجاهلية لأنّه كان لا يداري ولا يماري
.
لقد كان لهذا الموقف أثر كبير في نفوس تلك القبائل وأعطى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
رصيداً كبيراً وعمقاً جديداً لتثبيت مكانته الاجتماعية ولفت انتباههم إلى قدراته القيادية وكفاءته الإدارية مما ركّز ثقتهم بسموّ حكمته وحنكته وعظيم أمانته.
ــــــــــــ