وكان يزيد - فيما أجمع عليه المؤرّخون - ولعاً بالقرود، وكان له قرد يجعله بين يديه ويكنّيه بأبي قيس، ويسقيه فضل كأسه، ويقول: هذا شيخ من بني اسرائيل أصابته خطيئة فمسخ، وكان يحمله على أتان وحشية ويرسله مع الخيل في حلبة السباق، فحمله يوماً فسبق الخيل فسرّ بذلك وجعل يقول:
تمسّك أبا قيس بفضل زمامها |
|
فليس عليها إن سقطتَ ضمانُ |
فقد سبقتَ خيل الجماعة كلّها |
|
وخيل أمير المؤمنين أتانُ |
وأرسله مرّةً في حلبة السباق فطرحته الريح فمات فحزن عليه حزناً شديداً، وأمر بتكفينه ودفنه كما أمر أهل الشام أن يعزّوه بمصابه الأليم، وأنشأ راثياً له:
كم من كرام وقوم ذوو محافظة |
|
جاءوا لنا ليعزوا في أبي قيس |
____________________
(1) راجع الفخري لابن الطقطقي: 45، وتاريخ اليعقوبي: 2/230، وتاريخ الطبري: 4/368، والبداية والنهاية: 8/236 - 239.
شيخ العشيرة أمضاها وأجملها |
|
على الرؤوس وفي الأعناق والريس |
لا يُبعد الله قبراً أنت ساكنه |
|
فيه جمال وفيه لحية التيس(1) |
وذاع بين الناس هيامه وشغفه بالقرود حتى لقّبوه بها، ويقول رجل من تنوخ هاجياً له:
يزيد صديق القرد ملّ جوارنا |
|
فحنّ إلى أرض القرود يزيد |
فتبّاً لمن أمسى علينا خليفة |
|
صحابته الأدنون منه قرود(2) |