اضطُهدت الشيعة أيام معاوية اضطهاداً رسمياً، ومورس معهم أشدُّ أنواع القمع والقهر. وقد وصف الإمام محمد الباقر عليه السلام الإرهاب الأموي بقوله عليه السلام : (وقتلت شيعتنا بكلّ بلدة وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة، وكان من يُذكر بحبّنا والانقطاع إلينا سُجن أو نهب ماله أو هدمت داره)(1) .
وعمد معاوية إلى إبادة القوى المفكّرة والواعية من الشيعة، وقد ساق أفواجاً منهم إلى ساحات الإعدام، من قبيل: حجر بن عدي ورشيد الهجري وعمرو بن الحمق الخزاعي وأوفى بن حصن.
ولم يقتصر معاوية على تنكيله برجال الشيعة، وإنّما تجاوز ظلمه إلى نسائهم، فأشاع الذعر والإرهاب في العديد منهنّ مثل: الزرقاء بنت عدي وسودة بنت عمارة وأم الخير البارقيّة.
وأوعز معاوية إلى جميع عمّاله بهدم دور الشيعة ومحو أسمائهم من الديوان وقطع عطائهم ورزقهم، كذلك عهد إلى عمّاله بعدم قبول شهادتهم في القضاء وغيره مبالغة في إذلالهم وتحقيرهم.
إنّ انحرافات معاوية وجرائمه لا يمكن استيعابها في هذه الإشارات السريعة، وهي تتطلّب كتاباً خاصاً بها لكثرتها وسعتها، ولقد كنّا نرمي في الدرجة الأولى من هذه الإشارات إلى التمهيد للتطرّق إلى ذِكر جريمته الكبرى التي أدّت بالإمام الحسين عليه السلام إلى إعلان ثورته، هذه الجريمة التي تمثّلت في فرض ابنه يزيد الفاسق وليّاً للعهد.
____________________
(1) شرح نهج البلاغة: 3 / 15، والطبقات الكبرى: 5 / 95.