قال الشيخ المفيد : " ونظر ( الإمام الحسن عليه السلام ) في أمورهم ( أي في أمور الناس ) فازدادت بصيرة الحسن عليه السلام بخذلان القوم له وفساد نيّات المحكِّمة فيه بما أظهروه له من السبّ والتكفير له واستحلال دمه ونهب أمواله، ولم يبق معه من يأمن غوايله إلاّ خاصّته من شيعة أبيه وشيعته وهم جماعة لا تقوم لأجناد الشام، فكتب إليه معاوية في الهدنة والصلح، وأنفذ إليه بكتب أصحابه الذين ضمنوا له فيها الفتك به وتسليمه إليه، فاشترط له على نفسه في إجابته إلى صلحه شروطاً كثيرة، وعقد له عقوداً كان في الوفاء بها مصالح شاملة، فلم يثق به الحسن عليه السلام وعلم باحتياله بذلك واغتياله، غير أنّه لم يجد بدّاً من إجابته إلى ما التمس من ترك الحرب وإنفاذ الهدنة لما كان عليه أصحابه ممّا وصفناه من ضعف البصائر في حقّه والفساد عليه والخلف منهم له وما انطوى عليه كثير منهم في استحلال دمه وتسليمه إلى خصمه وما كان من خذلان ابن عمّه له ومصيره إلى عدوّه وميل الجمهور منهم إلى العاجلة وزهدهم في الآجلة ..."(١) .

__________

(١) الإرشاد : ١٩٠ ـ ١٩١ .