ولم تقف محنة الإمام عليه السلام في جيشه إلى هذا الحدّ، فقد أقدم المرتشون والخوارج على قتله، وجرت ثلاث محاولات لاغتياله عليه السلام وسلم منها، وهي كما يلي :

١ ـ إنّه عليه السلام كان يصلّي فرماه شخص بسهم فلم يؤثّر شيئاً فيه(٢) .

٢ ـ طعنه الجرّاح بن سنان في فخذه، وقال الشيخ المفيد : " إنّ الحسن أراد أن يمتحن أصحابه ليرى طاعتهم له وليكون على بصيرة من أمره، فأمر أن ينادى بالصلاة جامعة، فلمّا اجتمع الناس قام خطيباً فقال :

"... أمّا بعد، فإنّي والله لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنّه وأنا أنصح خلق الله لخلقه، وما أصبحت محتملاً على مسلم ضغينة، ولا مريداً له بسوء ولا غائلة، وأنّ ما تكرهون في الجماعة خير لكم ممّا تحبّون في الفرقة، وأنّي ناظر لكم خير من نظركم

__________

(١) تأريخ اليعقوبي : ٢ / ١٩١ .

(٢) حياة الإمام الحسن : ٢ / ١٠٦ .


لأنفسكم فلا تخالفوا أمري، ولا تردّوا عليّ رأيي، غفر الله لي ولكم، وأرشدني وإيّاكم لما فيه المحبّة والرضا" .

ونظر الناس بعضهم إلى بعض وهم يقولون ما ترونه يريد ؟ واندفع بعضهم يقول : والله يريد أن يصالح معاوية ويسلم الأمر إليه، فقالوا : كفر والله الرجل .

ثم شدّوا على فسطاطه وانتهبوه حتى أخذوا مصلاّه من تحته، ثم شدَّ عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي فنزع مطرفه عن عاتقه فبقي جالساً متقلّداً السيف بغير رداء، ثم دعا بفرسه فركبه وأحدق به طوائف من خاصّته وشيعته ومنعوا منه من أراده، فقال :ادعوا إليّ ربيعة وهمدان ، فدعوا فأطافوا به ودفعوا الناس عنه عليه السلام وسار ومعه شعوب من غيرهم، فلمّا مرّ في مظالم ساباط بَدَرَ إليه رجل من بني أسد يقال له " الجراح بن سنان " فأخذ بلجام بغلته وبيده مغول وقال : الله أكبر أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل، ثم طعنه في فخذه فشقّه حتّى بلغ العظم، ثم اعتنقه الحسن عليه السلام وخرّا جميعاً إلى الأرض، فوثب إليه رجل من شيعة الحسن عليه السلام يقال له " عبد الله ابن خطل الطائي " فانتزع المغول من يده وخضخض به جوفه فأكبّ عليه آخر يقال له " ظبيان بن عمارة " فقطع أنفه فهلك من ذلك، وأُخذ آخر كان معه فقتل وحمل الحسن عليه السلام على سرير إلى المدائن " (١) .

٣ ـ طعنه بخنجر في أثناء الصلاة(٢) .

__________

(١) الإرشاد : ١٩٠ .

(٢) ينابيع المودة : ٢٩٢ .